ثقافة عالمية

تسمية الشوارع, ظاهرة جغرافية تحكي التاريخ.

يعد المجال العلمي الجغرافية الحضارية من احدى فروع الجغرافية البشرية والتي تبحث بعملية صقل تاريخ المكان وبلورة حضارة ملائمة للمدى الجغرافي , بمعنى اخر تصميم العادات والتقاليد في مكان معين نتيجة تبلور احداث تاريخية ابقت بصمتها على المدى الجغرافي وفي بعض الاحيان قد تنعكس هذه الاحداث التاريخية على تعريف المكان مثلاً : هنالك العديد من البلدات العربية تُعرف بعض المناطق الجغرافية باسم البيادر كون السكان كانوا يستعملون المكان في موسم الحصاد او درب السوق كون المنطقة استعملت طريق التي تصل للسوق او عين البلدة , وهنالك مواقع قد اكتسبت الاسم نتيجة تكريم شخصية تاريخية مثل مدائن صالح شمالي الشبه الجزيزة العربية نسبة الى سيدنا صالح علية السلام الذي دعى قومه هناك.

في العصر الحديث تبلورت هذه الظاهرة بشكل واضح فهنالك العديد من المدارس او مراكز جماهيرية منها رياضية كملاعب كرة قدم, سلة وطائرة او ثقافية قد اكتسبت اسم نسبة الى شخصية قيادة او لموقع جغرافي مثال, مدرسة الطور في بلدة دبورية نسبة لجبل الطور التي تقع علية القرية – مدرسة جبل سيخ في عين ماهل نسبة لجبل سيخ التي تقع علية القرية – مدرسة القفزة في الناصرة القريبة من جبل القفزة.

هذه المقالة سوف تقف عند الظاهرة الاخيرة من حيث تبلورها ومن ثم ربطها التاريخي والحضاري للموقع الجغرافي ففي السنوات الاخيرة لمعت ظاهرة تسمية الشوارع في البلدات العربية , ولكن قبل ذي بدأ علينا الوقوف على المعيار الاداري لهذه العملية فمهمة اختيار اسماء الشوارع في البلدة من صلاحيات السلطة المحلية والتي تقوم بدورها باختيار لجنة تهتم باختيار اسماء لشوارع البلدة. بشكل عام هنالك هدفين اساسيين لتسمية الشوارع:

أ- الاول تحديد الموقع الجغرافي لمنطقة او حي داخل البلدة دون اضاعة الوقت فمن خلال تسمية الشوارع من الممكن تحديد الموقع وخاصة مع التقنيات الجديدة مثل جهار ( waze ) الذي يساعد بتوجيه المسافر اعتماد على اسم الشارع.

ب- الهدف الثاني هو تخليد حدث او شخصية تاريخية ابقت اثر على المدى الجغرافي فعند زيارة بلدة ومشاهدة اسم شخصية او موقع يرفرف الفضول للتعرف على سبب التسمية وبهذا تتحول اسماء الشوارع الى ظاهرة الجغرافية تحكي التاريخ.

لهذا فعند اختيار اسماء شوارع البلدة لا بد من الاخذ بعين الاعتبار تنمية وربط تاريخ وحضارة البلدة من اجل تخليد تاريخها وحضارتها وترسيخه بأذهان ابناء البلدة وتوسيع المعرفة لدى الزائرين , فمثلاً شارع דיזנגוף في تل ابيت نسبة الى اول رئيس بلدية للمدينة , وفي مدينة القدس هنالك شارع صلاح الدين الايوبي الذي فتح البلاد وحرر القدس من يدي الفرنجة , ولكن ما نشاهده في بعض البلدات العربية هو اختيار اسماء قطرية او اقليمية لا صله لها بالمدى الجغرافي للبلدة نحن لا ننقص من قيمة اي شخصية ولا اريد اذكر اسماء خوفاً من ان يفهمني احد انني اعيب او نقص من احد , ولكن ما المعنى من تعدد نفس الاسم بأكثر من مكان كونه اشتهر وحصل على حقه التخليدي , لهذا على اللجنة التي خُولت باختيار الاسماء الاهتمام بترشيح اسماء تشير الى تاريخ البلدة نفسها لتوسيع الوعي التاريخي والثقافي المحلي, أُعرب عن مقصدي من خلال الامثلة ألتالية , مدينة شفاعمر التي تُوجت بمركز مدينة بأواخر العهد العثماني عام 1910 اهتمت باختيار اسماء لشوارع البلدة لشخصيات محلية لعبت دور هام في تاريخ المدينة مثل :شارع داود تلحمي وهو اول رئيس للبلدية ( 1910 – 1932) وشارع اخر باسم جبور جبور ثاني رئيس للبلدية ( 1933- 1969) ابراهيم نمر حسين ثالث رئيس للبلدية ( 1969- 1998)

” فقد للتنويه شفاعمر البلدة الوحيدة في البلاد التي ترأس البلدية ثلاثة رؤساء فقط خلال القرن ال-20″ والمفلت للنظر هو ان الموقع الجغرافي لثلاثة شوارع في نواه ألبلدة بمحيط القلعة مما يدل ان تطور المدى الجغرافي من النواة للأطراف كان بعهدهم ألثلاثة , وهكذا كل من يزور المدينة يلفت نظرة هذه الاسماء ويبحث عنها ويتعرف على تاريخ البلدة المحلي من خلال اسم على شارة,مثال اخر في منطقة المثلث فهنالك بعض القرى اطلقت اسماء لأحياء لها صله بجغرافية المدى والحيز مثل حي الظهرات في عرعرة والذي يدل على ضواحي المدى الجغرافي للبلدة (خلف البلدة تاريخياً) .

لهذا نوصي باختيار اسماء لها علاقة بالمكان نفسه فما المانع من اختيار اسماء مثل شارع العين او السهل او البيادر لكي نتعرف على تصميم المدى الجغرافي وتطوره التاريخي , بالإضافة الى ذلك ما المانع ان يكتسب الشارع الرئيسي لكل بلدة اسم يصف معنى البلدة مثلاً: الشارع الرئيسي لبلدة الرينة يسمى الران وهو منبع الماء فهنالك ادعاء ان سبب التسمية يعود لكثرة الينابيع فيها , كفر كنا تطلق اسم قانا على الشارع , طرعان تهتم بتسمية شارع الطور كون الاسم يعود الى معنى طور وهو الجبل والقائمة طويله.

اترك تعليقاً

إغلاق