ثقافة عالمية
السياسة ولا الفلسفة.. تعرف على سبب نكبة ابن رشد وخلافه مع المنصور
892 عامًا تمر اليوم على ذكرى ميلاد أبو الوليد بن رشد، إذ ولد فقيه قرطبة الراحل فى 14 من إبريل عام 1126 ميلادية، وهو من أعظم فلاسفة العرب ويعرف لدى الغرب باسم Averroes. تعرض الفيلسوف المسلم الأشهر، لنكبة إذ اتهم بالزندقة وحوكم وقضى القاضى بحرق كتبه، على خلفية اتهام عدد من علماء الدين والمعارضين له فى الأندلس بالكفر والإلحاد، وأصدر الخليفة المنصور قرارا بنفيه لمراكش ليقضى فيها بقية حياته إلى أن توفى هناك عام 1198 ميلادية.. وعدد كبير من كبار الفلاسفة المعاصرين سبب النكبة التى وقعت للفيلسوف الراحل. وحسبما يذكر كتاب “الفكر الاجتماعى فى فلسفة ابن رشد” تأليف الدكتورة خديجة الحريرى، فأن الفيسلوف الراحل الدكتور عبد الرحمن بدوى، يرى أن الحملة كانت على ابن رشد من جانب الفقهاء بسبب اشتغاله بالفلسفة والفلك وبمؤلفات أرسطو، ويعتقد بدوى أن السبب السياسى هو الأصل فى النكبة حيث النزاع مشتعل بين المنصور الموحدى وبين نصار الإسبان، فاضطر المنصور للتقرب من العام والفقهاء على حساب المشتغلين بالفلسفة، وذلك لأن الحكام فى مثل هذه الظروف السياسية وعندما تضطر للدفاع عن البلاد لابد لها من تجميع الشعب حولها للدفاع عن البلاد. بينما يرى الدكتور حسن مجيد العبيدى، أن مؤلفات ابن رشد ولا سيما التى تتناول العلاقة بين الفلسفة والدين “العقل والشرع” ومنها كتاب فصل المقال، وكتاب الكشف عن مناهج الأدلة، كتاب تهافت التهافت فضلا عن كتاب تلخيص السياسة، وهى من المؤلفات التى يذكر فيها تعدد أنواع الخطاب “إلى الجمهور بعامة، والمتكلمين والفلاسفة” حيث ينحاز ابن رشد بشكل واضح إلى الخطاب الفلسفى ويعتبره الخطاب البرهانى لأنه لا يجد فى الخطابين الأولين روح التفلسف، مما جعل الفقهاء والمتكلمين يحقدون عليه، حيث وجدوا فيه خطابا نخبويا متعاليا عليهم. فيما يرى الدكتور محمد عابد الجابرى، أن من أسباب نكبة ابن رشد ما ذكره فى كتابه تلخيص السياسة لأفلاطون من نصوص تتوجه بالنقد المباشر إلى أنظمة الحكم القائم فى زمنه، ويتهمها بالاستبداد والركض وراء الملذات، وإن كان لابد أما الدكتور محى الدين أبى محمد عبد الواحد المراكشى فى كتابه “المعجب فى تلخيص أخبار المغرب” يرى أن أكبر الأسباب،: “إن الحكيم أبا الوليد (ابن رشد) أخذ فى شرح كتاب “الحيوان” لأرسطو طاليس صاحب كتاب “المنطق” فهذّبه وبَسط أغراضه وزاد فيه ما رآه لائقًا به، فقال فى هذا الكتاب عند ذكره “الزرافة” وكيف تتولّد وبأى أرض تنشأ، “وقد رأيتها عند ملك البربر”، جاريًا فى ذلك على طريقة العلماء فى الإخبار عن ملوك الأمم وأسماء الأقاليم، غير ملتفِت إلى ما يتعاطاه خدمة الملوك ومتحيلو الكتاب من الإطراء والتقريظ وما جانس هذه الطرق، فكان هذا مما أحنَقهم عليه غير أنهم لم يظهروا ذلك.
(اليوم السابع)