ادب الرواية

فى ذكرى صدور قانون التجار الأجانب.. حكاية قانون نابليون العلمانى وموقف الفقهاء

تمر اليوم ذكرى قيام والى مصر محمد سعيد باشا، بإنشاء مجلس تجار مختلط من المصريين والأجانب، وقد تسرب من هذا المجلس القانون الأجنبى ليحل محل المعاملات فى الشريعة الإسلامية، إذ اتخذ القرار فى 18 إبريل عام 1855، وهو القرار الذى يعتبره البعض بمثابة عداء من سعيد لتطبيق الشريعة، فهل كان الرجل كذلك؟ وهل كان يكره تطبيق الشريعة؟ وحسبما يذكر الكاتب عمرو الشلقانى فى كتابه “ازدهار وانهيار النخبة القانونية المصرية، 1805-2005″، أن القانون الذى أقره الوالى والمشار إليه سابقا، جاء ضمن الامتيارات الأجبنبية التى أعطاها سعيد باشا والخديوى إسماعيل، من أجل حفر مجرى قناة السويس العالمى، وإنشاء خطوط السكك الحديدية، فقام بإنشاء مجلس التجار ليفصل فى المنازعات التجارية بين الأوروبيين والمصريين، ويقول هنا، إن تطبيق الشريعة وجه أعنف ضربة له عن إنشاء المجالس القومسيونات الأجنبية، ليأخذ من أوروبا تنظيما لجهاز العداة ونموذجا يحتذيه للإصلاح، وترك المحاكم الشرعية على ما كانت عليه من سوء تنظيم”. وبحسب الدكتور محمد عمارة فى كتابه ” الاسلام وقضايا العصر(2) الازهر والعلمانية”،  فإن إرادة خديوية أصدرت فى 18 إبريل 1855م بإنشاء محكمة تجارية ـ (مجلس تجار) ـ مختلط من المصريين والأجانب ليقضى ـ بالقانون الفرنسى ـ فى المنازعات التجارية التى يكون الأجانب طرفا فيها.. ثم تطور هذا التسلسل والاختراق ـ عبر المحاكم القنصلية ـ خارج الموانى التجارية.. ثم تبلور هذا الاختراق فى المحاكم المختلطة 1875م ـ على عهد رئاسة الأرمنى نوبار باشا (1825ـ1899م) لوزراء مصر!! وكان قضاة هذه المحاكم المختلطة أجانب، ولغتها فرنسية، وقانونها فرنسيا، ولقد وصفها أحد قضاتها ـ القاضى الهولندى فان بملن ـ بأنها وليدة الاغتصاب الواقع من الأقوياء على الضعفاء!.. فلما احتلت انجلترا مصر 1882م، عممت هذا القانون الفرنسى. ويوضح الدكتور محمد عمارة فى كتابه ” الاسلام وقضايا العصر(2) الازهر والعلمانية”، أنه عندما تسلل هذا القانون الوضعى العلمانى، ووصفه بقانون “نابليون العلمانى” إلى المحكمة التجارية “مجلس التجار”، بالاحتكام إلى هذا القانون فى المنازعات التجارية التى يكون الأجانب طرفا فيها، انتقده عدد كبير من الفقهاء، وانتقده رفاعة الطهطاوى، وطالب ببقاء الاحتكام إلى الفقه الإسلامى، وكتب يقول: “إن مخالطة تجار الغرب ومعاملتهم مع أهل الشرق أنعشت نوعا همم هؤلاء المشارقة وجددت فيهم وازع الحركة التجارية، وترتب على ذلك انتظام، مجالس تجارية مختلطة لفصل الدعاوى والمراهنات بين الأهالى والأجانب بقوانين فى الغالب أوروبية مع أن المعاملات الفقهية لو انتظمت وجرى عليها العمل لما أخلت بالحقوق.

(اليوم السابع)

اترك تعليقاً

إغلاق