تقريرسلايد 1فن

نصوص مقدسة على الأوتار.. توراة وإنجيل وقرآن فى أغانى أم كلثوم ونجاة وفيروز

أثارت أغنية المطربة السورية أصالة بعنوان “رفقا بالقوارير” الجدل بعدما تدخل مجمع البحوث الإسلامية، مشيرًا إلى أن أخذ جملة من حديث نبوى ووضعها داخل سياق أغنية لتصبح بذلك جزء من كلماتها أمر غير لائق ولا يجوز شرعًا.
وبدأت القصة بعدما تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى الأغنية، التى تضمنت كلماتها “رفقًا بمن عنهن قيل استوصوا خيرا بالنساء فقد خلقن بضعفهن”، ما يشير لوجود بعض الاقتباسات من الحديث النبوى الشريف، الأمر الذى أثار الجدل بين جمهور الفنانة أصالة على نطاق واسع.
ولعل اقتباس أو تناص بعض كلمات النصوص الدينية فى الكتاب المقدس “التوراة والإنجيل” والقرآن الكريم مع بعض الأغاني ليس بجديد، بل أنها قضية قديمة، فما عرف قديما باسم “التضمين”، سمى فى منظور النقد الحديث “تناص”، هذا المصطلح الذى أطلق على النصوص المتداخلة مع بعض النصوص الدينية، أى عندما يستعير كاتب ما نصا من الكتاب المقدس أو القرآن الكريم ويحله فى نصه، لتقوية نصه وإبراز معناه، أو لتوظيف رؤية معينة يقدمها الكاتب.
من الأغانى الرائعة التى تعد من نماذج الاستلهام من النصوص الدينية، هى أغنية المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة “عيون القلب” من كلمات الشاعر الكبير الخال عبد الرحمن الأبنودى، والذى تقول فى أحد مقاطعها “عيون القلب سهرانة ما بتنامشى”، حيث تكمن وراء هذه الكلمات من بعيد، تناص مع عبارة جميلة وردت فى “نشيد الأنشاد” فى الكتاب المقدس تقول: “أنا نائمة وقلبى مستيقظ”.
كذلك استلهم الرحبانية أحد آيات نشيد الأنشاد فى أغنية السيدة فيروز التى تقول “أنا لحبيبي وحبيبي إلي” وهو يتطابق مع الآية التى تقول: “أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ” (نش 6: 3)”، وبوجه عام قدمت السيدة فيروز العديد من الألبومات الدينية التى شهدت العديد من الاقتباسات الدينية من الكتاب المقدس مثل ألبوم “أسبوع الآلام”، و”ألبوم نبع الينابيع”، و”يسوع المسيح”، والذى جاءت أغانيها على شكل ترانيم مسيحية، أصبحت اليوم جزء من احتفالات الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية.
كوكب الشرق أم كلثوم فى أغنيتها الشهيرة “ألف ليلة وليلة” كلمات الشاعر الكبير مرسى جميل عزيز، تقول فى مقطعها الأخير “الله محبة .. الخير محبة النور محبة” وهى التى تبدو تناص مع عدة آيات فى الكتاب المقدس حملت لفظ “الله محبة” مثل اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ” (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 16)، و”أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 13: 13).
أما آيات القرآن الكريم كان لسورة الضحى نصيب كبير من الاقتباس، فجعل السنباطي أم كلثوم تغني، في “الثلاثية المقدسة” للشاعر صالح جودت، مقطع “والضحى والليل أن ما سجى”، في تناص واضح مع الآية “والضحى والليل إذا سجى”، بل إن “السنباطي” جعل الموسيقى وراء أم كلثوم ثابتة على نغمة واحدة، حتى يتيح لأم كلثوم الأداء كأنها تلاوة وليس غناء، وكان اشتباكًا بسيطًا خوفًا من غضب الجمهور ورجال الدين.
سبق الموسيقار محمد عبد الوهاب، الموسيقار رياض السنباطي في الاقتباس من القرآن في بداية خمسينيات القرن الماضي، عندما قدم أغنية “دعاء الشرق” للشاعر محمود حسن إسماعيل، وجعل الكورس في بداية الأغنية يُغني المذهب كما كان يقرأ شيخ المسجد وهو صغير، واختص سورة الضحى، الذى رتلها بصوته، حينما روادته فكرة تلحين القرآن الكريم.
المطرب الإيراني محسن نامجو، قدم تجربة أكثر جرأةً وجنونًا في أغنية “شمس”، بمزج الموسيقى بكلمات من سور قرآنية، هي الشمس والضحى والمزمل والنبأ والفجر والتكوير، بجانب جزء “يُسمعني حين يراقصني كلمات ليست كالكلمات” من قصيدة نزار قباني، ويبدأ محسن بخلق الكون والسماء وما بناها، وخلق النفس، ثم الحديث عن النبي في سورة الضحى، ثم يغني على لسان السيدة خديجة، ليؤكد فكرة أن القرآن ليس كلامًا عاديًّا، بل “كلمات ليست كالكلمات”، بعدها يغني عن الصلاة وقيام الليل، ثم السؤال عن يوم القيامة، ثم الموت، ثم حدوث يوم القيامة.
وفى تسعينيات القرن الماضى أقيمت ضد مارسيل العديد من القضايا لاتهامه بتحقير الشعائر الدينية وتلحينه وغنائه لقصيدة تحتوى على جزء من آية قرآنية ويقوم أول مقطع من الأغنية “أيا يوسف يا أبى..أخوتى لا يحبوننى لا يريدوننى بينهم.. يريدوننى أن أموت كى يمدحونى فماذا صنعت يا أبتى..هم أوقعونى فى الجب واتهموا الذئب الذئب ارحم من أخوتي يا أبتي”، وفى عام 1999 صدر قرار من المحكمة بتبرئة مارسيل خليفة من التهم الموجهة إليه.
المصدر: اليوم السابع

اترك تعليقاً

إغلاق