ادب الرواية
“رغبة هوجاء فى التضحية” كتاب يؤكد: المتطرفون مرضى نفسيا
يستحق كتاب “رغبة هوجاء فى التضحية” تأليف فتحى بن سلامة، الذى صدر فى فرنسا عن دار نشر “لوسوى” عام 2016 قبل أن تترجمه مؤسسة مؤمنون بلا حدود، القراءة والتأمل، وهو من ترجمة الحسين سحبان، مراجعة حمادى صمود.
يناقش الكتاب أسئلة حقيقة لم يجد لها الكثيرون إجابات منها: لماذا وكيف تستولى على مسلمين فى ريعان الشباب رغبة عارمة فى التضحية بأنفسهم، سواء فى اعتداءات انتحارية قاتلة ومرعبة داخل الأوطان العربية والإسلامية وفى بلدان المهجر الأوربية (خاصة فى فرنسا)، أو فى جبهات القتال حيثما تشتعل حروب باسم الإسلام؟
يقارب الكتاب هذا السؤال المركزى فيه، من زاوية علم النفس المرضى والتحليل النفسى، لسد النقص الذى يعترى المقاربات السوسيولوجية والسياسية التى تفسر ظاهرة التجذر الإسلاموى بعوامل اجتماعية وسياسية خارجية، مهملة الأزمات والصراعات النفسية الباطنية التى يستجيب بها الشبان المُجَذَّرون لتلك العوامل، ويحلل هذا التجذر بوصفه عَرَضا مَرَضِيا بجانب كونه تهديدا لأمن المجتمعات.
يقدم الكتاب هذه الإضاءة الكاشفة مبينا، من خلال النموذج الفرنسى للتجذر، كيف يتحول شبان و(يَعْـبُرُون) من مسلمين عاديين، نـَـكِرَات إلى إسلاميين متجذرين (متطرفين)، يحسون بأنهم يجسدون نموذج (المسلم الأعلى) انتقاما للهوية الجمعية (الأمة، الخلافة) الإسلامية الضائعة، وقضاة عادلين خارجين عن القانون باسم العدالة والقانون (الشريعة) الإلهيين.
رغبة هوجاء فى التضحية
وبعد الإضاءة يدل الكتاب، مستلهما الربيع العربى فى صيغته التونسية، على مخرج وأفق ممكن لتجاوز “المسلم الأعلى”، وإبطال تأثير الهوامات التى ينتجها خطاب إيديولوجيا التطرف، الذى هو “عش تفريخه”.
وفتحى بن سلامة، محلل نفسنى، وأستاذ علم النفس العلاجى، وعميد وحدة التكوين والبحث فى علم النفس السريرى والمرضى بجامعة باريس 7، دونيس-ديدرو، صدرت له مؤلفات وأبحاث كثيرة، مثل كتابه المرجعى الإسلام والتحليل النفسى، وحرب الذاتيات فى الإسلام، والثورة بغتة، وإعلان عدم الخضوع.
أما المترجم الحسين سحبان، أستاذ فلسفة، متخصص فى الإبيستيمولوجيا، وكاتب مغربى، صدرت له ترجمات، منها نظريات العلم (1988)، ولذة النص (1991)، و(الاختلاف) لجاك ديريدا (2017)، وشارك فى ترجمات جماعية، مثل مفردات الفلسفة الأوربية (2004)، من آخر أعماله، أوغسطين. مؤسس اللاهوت المسيحى وملهم فلاسفة الغرب(2017).
(المصري اليوم)