برامج ثقافية
“مكتبة الإسكندرية القديمة” يرصد زيارات عباقرة حفظ التاريخ للمكتبة
صدر عن دار إنسان للنشر والتوزيع الطبعة الرابعة لكتاب “حكاية مكتبة الإسكندرية القديمة”، للكاتب والباحث حسام الحداد.
ويهدف الباحث من خلال الكتاب إلى استعادة تفاصيل حكاية مكتبة الإسكندرية التى كانت مصدرًا مهمًا فى نشر نور العلم والثقافة فى ربوع العالم المتحضر، وقد تميزت بمدرسة فلسفية خاصة مؤثرة، يهدف إلى توجيه رسالة لمجابهة قوى الظلام التى تعشش الآن فى كل شبر من أرض الخصب المعرفى، ليبقى العلم هو سلاحنا الرئيس فى محاربة الجمود والظلامية.
ووفق مقدمة الكتاب قال “الحداد”: إن مكتبة الإسكندرية القديمة ترجع شهرتها لكونها أقدم مكتبة حكومية عامة فى العالم القديم وليس لأنها أول مكتبات العالم فمكتبات المعابد الفرعونية كانت معروفة عند قدماء المصريين ولكنها كانت خاصة بالكهنة فقط والبطالمة أنفسهم الذين أسسوها كانوا يعرفون المكتبات جيدا، كما ترجع عظمتها أيضا أنها حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية وبها حدث المزج العلمى والالتقاء الثقافى الفكرى بعلوم الشرق وعلوم الغرب، فهى نموذج للعولمة الثقافية القديمة التى أنتجت الحضارة الهلينستية، حيث تزاوجت الفرعونية والهلينية.
وترجع عظمتها أيضا إلى عظمة القائمين عليها، حيث فرض على كل عالم يدرس بها أن يدع بها نسخة من مؤلفاته ولأنها أيضا كانت فى معقل العلم ومعقل البردى وأدوات الكتابة مصر، حيث جمع بها ما كان فى مكتبات المعابد المصرية وما حوت من علم أون وأخيرًا وليس آخر تحرر علمائها من تابو السياسة والدين والجنس والعرق والتفرقة، فالعلم فيها كان من أجل البشرية فالعالم الزائر لها أو الدارس بها لا يسأل إلا عن علمه لا عن دينه ولا قوميته، وقد فاق عدد الحكماء المائة فى أكثر فترات المكتبة تألّقا فكانوا ينقسمون إلى فريقين حسب التصنيف الذى وضعوه هم بأنفسهم الفيلولوجيون والفلاسفة.
وكان الفيلولوجيون يدرسون النصوص والنحو بكل تعمق فبلغت الفيلولوجيا مرتبة كبرى العلوم فكان لها اتصال بعلم التاريخ والمثيوغرافيا، بينما يدرس الفلاسفة بقية العلوم سواء كانوا مفكرين أو علماء.
ومن بين أجيال العلماء الذين تعاقبوا على مكتبة الإسكندرية وعملوا بها الساعات الطوال الدراسة والتمحيص، عباقرة حفظ التاريخ أسماءهم مثل أرخميدس “مواطن سيراقوسة”، وطور بها اقليدس هندسته، وشرح هيبارخوس للجميع حساب المثلثات وطرح نظريته القائلة بجيومركزية العالم فقال أن النجوم أحياء تولد وتتنقل لمدة قرون ثمّ تموت في نهاية المطاف، بينما جاء أريستارخوس الساموسى بالأطروحة المعاكسة أى نظرية الهليومكزية “وهى القائلة بحركة الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس وذلك قبل كوبرنيكوس بعدة قرون”، نجد كذلك ومن بين جملة العلماء الذين عملوا فى المكتبة إراتوسثينس والذى ألّف جغرافية وأنجز خريطة على قدر كبير من الدقّة، وهيروفيلوس القلدونى وهو عالم وظائف استنتج أن مركز الذكاء هو الدماغ وليس القلب.
وكان من رواد المكتبة الفلكيون طيمقريطس وأرسطيلو وأبولونيوس البرغامي وهو رياضي معروف، وهيرون الإسكندراني مخترع العجلات مسنّنة وآلات بخارية ذاتية الحركة وصاحب كتاب أفتوماتكا وهو أول عمل معروف عن الروبوتات.
وفي مرحلة لاحقة وحوالي القرن الثاني في نفس المكان الفلكي كلاوديوس بطليموس وعمل بالمكتبة أيضا جالينوس الذي ألّف أعمالًا كثيرة حول فن الطب والتشريح، ومن آخر أعلام الموسيون نجد امرأة تدعى هيباتيا أو هيباشيا وهي رياضية وفلكية كانت لها نهاية مأساوية وميتة شنيعة على أيدي بعض الكهنة المسيحيين.
يشار إلى أن حسام الحداد، الباحث فى شئون الاسلام السياسي، قد صدر له العديد من الأبحاث والكتب وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية والمحلية، صدر له: أحاديث تؤسس لدونية المرأة، الماركسية والنقد الأدبي، الوحدة العضوية في معلقة امرئ القيس، الذهنية التكفيرية.. أبو مصعب السوري نموذجا، نصر حامد أبو زيد وقراءة التراث، هوامش على تفسير الطبري البخاري.. معركة قديمة في ثوب جديد، المعتزلة رواد التنوير الإنساني، رسائل التنوير عند إخوان الصفا، قراءات في الإسلام السياسي، خطاب العنف والدم في الفقه الإسلامي، كما يصدر له قريبا “فقه الإمام الليث بن سعد”.
(اليوم السابع)