هل قرأت من قبل كتاب “حكم النبى محمد” للروائى الشهير ليو تولستوى الذى رحل فى عام 1910، والذى يتحدث فى عن الإسلام وعن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام؟
يقول الدارسون أن ليو تولستوى كتب “حكم النبى محمد” دفاعًا عن الحق فى مواجهة التزوير والتلفيق اللذين لحقا بالدين الإسلامى والنبى محمد، صلَّى الله عليه وسلَّم، على يد جمعيات المبشِّرين فى “قازان”، والذين صوَّروا الدين الإسلامى على غير حقيقته، وألصقوا به ما ليس فيه، فقدَّم تولستوى الحجة وأقام البرهان على المدَّعين عندما اختار مجموعة من أحاديث النبى، وقام بإيرادها بعد مقدِّمة جليلة الشأن واضحة المقصد قال فيها إنَّ تعاليم صاحب الشريعة الإسلاميَّة هى حِكم عالية ومواعظ سامية تقود الإنسان إلى سواء السبيل، ولا تقلُّ فى شيء عن تعاليم الديانة المسيحيَّة.
قال الفيلسوف تولستوى تحت هذا العنوان ما هو بالحرف الواحد:
إن محمدًا هو مؤسس ورسول الديانة الإسلامية التى يدين بها فى جميع جهات الكرة الأرضية مائتا مليون نفس.
ولد النبى محمد فى بلاد العرب سنة 570 بعد ميلاد المسيح من أبوين فقيرين، وكان فى حداثته راعيًا، ومال منذ صباه إلى الانفراد فى البرارى والأمكنة الخالية، حيث كان يتأمل بالله وخدمته أن العرب المعاصرين له عبدوا أربابًا كثيرة، وبالغوا فى التقرب إليها واسترضائها، فأقاموا لها أنواع التعبد، وقدموا لها الضحايا المختلفة؛ ومنها الضحايا البشرية، ومع تقدم محمد فى السن كان اعتقاده يزداد بفساد تلك الأرباب، وأن ديانة قومه ديانة كاذبة، وأن هناك إلهًا واحدًا حقيقيًّا لجميع الشعوب.
وقد ازداد هذا الاعتقاد فى نفس محمد حتى قام فى نفسه أن يدعو أمته ومواطنيه إلى الاعتقاد باعتقاده الراسخ فى فؤاده، وقد دفعه عامل داخلى إلى أن الله اصطفاه لإرشاد أمته، وعهد إليه هدم ديانتهم الكاذبة، وإنارة أبصارهم بنور الحق؛ فأخذ من ذلك العهد ينادى باسم الواحد الأحد بحسب ما أوحى إليه ومقتضى اعتقاده الراسخ.
وخلاصة هذه الديانة التى نادى بها محمد هي: أن الله واحد لا إله إلا هو؛ ولذلك لا يجوز عبادة أرباب كثيرة، وأن الله رحيم عادل، وأن مصير الإنسان النهائى متوقف على الإنسان نفسه، فإذا سار حسب شريعة الله، وأتم أوامره، واجتنب نواهيه؛ فإنه فى الحياة الأخرى يؤجر أجرًا حسنًا، وإذا خالف شريعة الله، وسار على هواه؛ فإنه يعاقب فى الحياة الأخرى عقابًا شديدًا، وأن كل شيء فى هذه الدنيا فان زائل، ولا يبقى إلا الله ذو الجلال، وأنه بدون الإيمان بالله وإتمام وصاياه لا يمكن أن تكون حياة حقيقية، وأن الله — تعالى — يأمر الناس بمحبته ومحبة بعضهم، ومحبة الله تكون فى الصلاة، ومحبة القريب تقوم فى مشاركته فى السراء والضراء ومساعدته والصفح عن زلاته، وأن الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر يقتضى عليهم أن يبذلوا وسعهم لإبعاد كل ما من شأنه إثارة الشهوات النفسانية، والابتعاد أيضًا عن الملذات الأرضية، وأنه يتحتم عليهم أن لا يخدموا الجسد ويعبدوه؛ بل يجب عليهم أن يخدموا الروح، وأن يزهدوا فى الطعام والشراب، وأنه محرم عليهم استعمال الأشربة الروحية المهيجة، ومحتم عليهم العمل والجد وما شابه ذلك.
المصدر: اليوم السابع