أثار اكتشاف علماء آثار بقايا امرأة مدفونة مع وضع قالب طوبى بين فكيها، منذ عام 2006، جدلا واسعا حول السبب الكامن وراء هذه الطريقة الغريبة المعتمدة فى الدفن، وأشارت العديد من الدراسات، منذ ذلك الحين إلى أن هذه الطريقة استخدمت فى طرد الأرواح الشريرة فى أول دفن لمصاصى الدماء.
وعثر علماء الآثار على رفات المرأة فى مقبرة جماعية لضحايا الطاعون من القرن السادس عشر، والتى تقع فى جزيرة نوفو لازاريتو فى البندقية.
وقال عالم الأنثروبولوجيا ماتيو بورينى من جامعة فلورنسا بإيطاليا، فى دراسة نشرت عام 2009، إن دفن المرأة مع طوب فى فمها، ربما يكون طقسا معتمدا فى أول دفن لمصاصى الدماء معروف فى علم الآثار، حسب ما جاء بروسيا اليوم، وكانت خرافات مصاصى الدماء شائعة عندما دمر الطاعون أوروبا، ويمكن أن يكون جزء كبير من هذا الفولكلور، إن لم يكن كله، بسبب المفاهيم الخاطئة حول المراحل الطبيعية من التحلل، حيث إنه على سبيل المثال، كان حفارو القبور الذين يعيدون فتح المقابر الجماعية، يعثرون أحيانا على جثث منتفخة بسبب الغاز، مع استمرار نمو الشعر، والدم المتسرب من أفواههم، ما دفعهم للاعتقاد بأن جثث هؤلاء ما زالت على قيد الحياة.
وغالبا ما كانت الأكفان المستخدمة لتغطية وجوه الموتى تتحلل بفعل البكتيريا الموجودة فى الفم، ما يكشف عن أسنان الجثث التى أصبحت توصف بأنها مصاصو الدماء، والذين يعرفون أيضا باسم “أكلة الأكفان”، وفقا للنصوص الطبية والدينية فى العصور الوسطى، كان يعتقد أن “الموتى الأحياء” ينشرون الوباء من أجل امتصاص الحياة المتبقية من الجثث حتى اكتسبوا القوة للعودة إلى الشوارع مرة أخرى.
وقال “بورينى”، لقتل مصاص الدماء، كان عليهم إزالة الكفن من فم الجثة، ووضع شىء لا يؤكل فيه، ومن المحتمل أنه تم العثور على جثث أخرى مع الطوب فى أفواهها، لكن هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها التعرف على مثل هذه الطقوس، لكن عددا من العلماء عارضوا هذه النظرية، ما أثار جدلا حول القصة الحقيقية المحيطة بهذا الاكتشاف التاريخي.
وقالت سيمونا مينوزى من جامعة بيزا بإيطاليا لموقع “لايف ساينس”، إن الصور تظهر أن بقايا الجثة كانت محاطة بالحجارة والطوب، ما يعنى أن الطوب الذى كان فى فم المرأة لم يستخدم بالضرورة من أجل تعويذة، كما أن فكى الجثة غالبا ما ينفتحان بمرور الزمن خلال فترة التحلل، ما يسمح لأى عناصر بالوقوع فيها، على سبيل المثال، لاحظوا وجود هيكل عظمى به عظم فخذ فى فمه فى مقبرة فيكيو لازاريتو فى البندقية.
ووصفت فكرة “مصاص الدماء” بأنها “هراء”، وأضافت أنه لا يوجد دليل واضح على هذه النظرية، مشيرة: “للأسف، هذه ممارسة شائعة فى إيطاليا فى السنوات القليلة الماضية، وربما يرجع هذا إلى الانخفاض الكبير فى الأموال المخصصة للبحث فى إيطاليا، لذلك يسعى الباحثون إلى جذب الانتباه والمال من خلال الاكتشافات المثيرة التى لا علاقة لها غالبا بالعلوم”.
وكان بورينى غاضبا بشأن هذا النقد، وناقش كيف أن التفاصيل المادية للموقع تدعم تفسيرهم. وأضاف: “فيما يتعلق بالنقد الموجه إلى زملائي، يجب أن أعترف بأنه وضع مزعج للغاية، ويبدو أن الأسباب الرئيسية للاهتمام ببحثى هو نجاحه فى وسائل الإعلام”.
المصدر: اليوم السابع