شاعر شارك فى تأسيس مدرسة الديوان، التى وضعت تصورا جديدا للشعر، كان مجددا وحريصا على اللغة العربية الفصحى، هو الشاعر عبد الرحمن شكرى، الذى تمر اليوم ذكرى ميلاده إذ ولد فى مثل هذا اليوم من عام 1886م، وكان له دور كبير الأدب العربى الحديث من خلال أعماله النقدية، لذلك يعد أحد الرواد فى تاريخ الأدب العربى الحديث.
ولد عبد الرحمن شكرى ولد فى مدينة بورسعيد، تعلم فى كتاب الشيخ محمد حجازى ثم فى مدرسة الجامع التوفيقى الابتدائية، أول مسجد رسمى ببورسعيد، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1900، ثم انتقل إلى الإسكندرية فالتحق بمدرسة رأس التبن الثانوية ومنها حصل على شهادة البكالوريا عام 1904م، والتى أهلته للالتحاق بمدرسة الحقوق فى القاهرة.
ولكن بعد دخوله الحقوق فصل منها، بسبب اشتراكه فى مظاهرات نظمها الحزب الوطنى آنذاك لإعلان غضب المصريين على الاحتلال البريطانى لمصر ووحشية الإنجليز فى حادثة دنشواى.
لم يعتبر عبد الرحمن شكرى فصله من كلية الحقوق نهاية المطاف، حيث ألتحق بعدها بمدرسة المعلمين العليا عام 1906م، وكان شكرى قد أصدر ديوانه الأول بعنوان “عند الفجر” وهو طالب عام 1909، ودراسته فى مدرسة المعلمين هى التى اتاحت له الفرصة لتعرف على “المازنى”، وبعد تفوقه تخرج من المعلمين، ليتم اختياره فى بعثة إلى جامعة شيفلد بإنجلترا، وهناك درس الاقتصاد والاجتماع والتاريخ والفلسفة إلى جانب تنمية مهارته فى اللغة الإنجليزية، لمدة 3 سنوات، وعاد إلى مصر فى 1912م.
وعندما عاد إلى مصر قدمه “المازنى” للمفكر الكبير عباس محمود العقاد فكانت بداية صداقة قوية بين الثلاثة، وكانت نتيجة تلك الصداقة فى بداية القرن العشرين الميلادى هو تزعم شكرى والعقاد والمازنى اتجاه التجديد فى الشعر والأدب، وأطلق عليهم مدرسة الديوان، ويرى بعض الباحثين أنه لم يكن العقاد فى البداية هو رأس هذه المدرسة الأدبية وعقلها وروحها، بل كان ذلك الرأس والعقل والروح هو عبد الرحمن شكرى الذى درس فى إنجلترا وعاد منها مثقفاً أكاديمياً واسع الاطلاع على الآداب الغربية بعامة، وعلى الأدب الإنجليزى بخاصة، فى حين كان الآخران: العقاد والمازني، بمثابة من حصّل العلم تحصيلاً ذاتياً وعلى غير مقاعد الدراسة الثانوية والجامعية.
ومن المواقف المؤثرة فى حياة الشاعر الراحل عبد الرحمن شكرى، هو عندما وقع عليه ظلم وظيفى منعه من حصوله على الترقية بسبب قصيدة بعنوان “أقوام بادوا” والتى أغضبت رؤساءه عليه وصاروا يحرضون عليه لأنهم ظنوا أنه يصفهم.
وترتب على هذا الموقف هو مطالبته للخروج إلى المعاش برغبته، بعد أن خدم عبد الرحمن شكرى فى التربية والتعليم ما يقرب من 26 عاما، فبعد عودته من إنجلترا عين بالتعليم الثانوى كمدرس للتاريخ واللغة الإنجليزية، وتدرج فى الوظيفة حتى أصبح مفتشًا، لكنه أحيل للمعاش حسب رغبته فى عام 1938م، بمرتب بسيط لا يكفيه ولا يكفى من يعولهم.
وظل هذا الموقف يؤثر عليه مما جعله يقوم بإحراق جميع مؤلفاته ودواوينه، وأصيب بضغط الدم والشلل، فاعتزل الناس حتى رحل عن عالمنا فى ديسمبر سنة 1958.
المصدر: اليوم السابع