ثقافة اسلاميةسلايد 1
لماذا وقعت معركة بدر الكبرى.. ما يقوله التراث الإسلامى
تعد موقعة بدر الكبرى واحدة من أهم الأحداث فى التاريخ الإسلامى بسبب نتائجها التى كانت فارقا مهما فى مستقبل الدين الإسلامى، لكن كيف اندلعت الحرب، وما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية” للحافظ ابن كثير تحت عنوان “غزوة بدر العظمى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان”.
قال ابن إسحاق – رحمه الله – بعد ذكره سرية عبد الله بن جحش: ثم إن رسول الله ﷺ سمع بأبى سفيان صخر بن حرب مقبلا من الشام فى عير لقريش عظيمة فيها أموال وتجارة، وفيها ثلاثون رجلا – أو أربعون – منهم: مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص.
قال موسى بن عقبة: عن الزهري: كان ذلك بعد مقتل ابن الحضرمى بشهرين، قال: وكان فى العير ألف بعير تحمل أموال قريش بأسرها إلا حويطب بن عبد العزى فلهذا تخلف عن بدر.
قال ابن إسحاق: فحدثنى محمد بن مسلم بن شهاب، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبى بكر، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا، عن ابن عباس، كل قد حدثنى بعض الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر.
قالوا: لما سمع رسول الله ﷺ بأبى سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال: “هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها”، فانتدب الناس فخفف بعضهم وثقل بعض، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ يلقى حربا، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس من لقى من الركبان تخوفا على أموال الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك.
فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفارى فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتى قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها فى أصحابه، فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة.
قال ابن إسحاق: فحدثنى من لا أتهم عن عكرمة، عن ابن عباس، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير.
قالا: وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم إلى مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخى والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتنى وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم على ما أحدثك، قال لها: وما رأيت؟
قالت: رأيت راكبا أقبل على بعير له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلا صوته: ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم فى ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه.
ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها: إلا انفروا يا آل غدر لمصارعكم فى ثلاث.
ثم مثل به بعيره على رأس أبى قبيس فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقى بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة.
قال العباس: والله إن هذه لرؤيا، وأنت فاكتميها لا تذكريها لأحد، ثم خرج العباس فلقى الوليد بن عتبة – وكان له صديقا – فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لابنه عتبة ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش فى أنديتها.
قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت وأبو جهل ابن هشام فى رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآنى أبو جهل قال: يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا، فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال أبو جهل: يا بنى عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبية؟
قال: قلت: وما ذاك؟
قال: تلك الرؤيا التى رأت عاتكة.
قال: قلت: وما رأت؟
قال: يا بنى عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم! قد زعمت عاتكة فى رؤياها أنه
قال: انفروا فى ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقا ما تقول فسيكون، وإن تمض ثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت فى العرب.
قال العباس: فوالله ما كان منى إليه كبير شيء إلا أنى جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا.
قال: ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بنى عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع فى رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرة لشيء مما سمعت؟
قال: قلت: قد والله فعلت ما كان منى إليه من كبير، وأيم الله لأتعرضن له، فإذا عاد لأكفيكنه.
قال: فغدوت فى اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أنى قد فاتنى منه أمر أحب أن أدركه منه.
قال: فدخلت المسجد فرأيته فوالله إنى لأمشى نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به، وكان رجلا خفيفا حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر، قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد، قال:
قلت فى نفسي: ماله – لعنه الله – أكل هذا فرق منى أن أشاتمه؟!
وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفارى وهو يصرخ ببطن الوادى واقفا على بعيره قد جدع بعيره، وحول رحله وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد فى أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث الغوث.
قال: فشغلنى عنه وشغله عنى ما جاء من الأمر فتجهز الناس سراعا وقالوا: أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا والله ليعلمن غير ذلك.
وذكر موسى بن عقبة رؤيا عاتكة كنحو من سياق ابن إسحاق.
قال: فلما جاء ضمضم بن عمرو على تلك الصفة خافوا من رؤيا عاتكة فخرجوا على الصعب والذلول.
قال ابن إسحاق: فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا، وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد إلا أن أبا لهب ابن عبد المطلب بعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة استأجره بأربعة آلاف درهم كانت له عليه قد أفلس بها.
قال ابن إسحاق: وحدثنى ابن أبى نجيح: أن أمية بن خلف كان قد أجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا، فأتاه عقبة بن أبى معيط وهو جالس فى المسجد بين ظهرانى قومه بمجمرة يحملها، فيها نار ومجمر، حتى وضعها بين يديه ثم قال: يا أبا علي، استجمر فإنما أنت من النساء.
قال: قبحك الله وقبح ما جئت به.
قال: ثم تجهز وخرج مع الناس هكذا قال ابن إسحاق فى هذه القصة.
المصدر: اليوم السابع