أخبار
تسعة أفلام وجناح للسعودية.. السينما العربية تضيء سماء مهرجان شنغهاي
في دورته السادسة والعشرين، يؤكد مهرجان شنغهاي السينمائي الدولي مكانته كواحد من أكبر وأهم المهرجانات السينمائية العالمية، ليس بضخامة حجمه، وكثرة أفلامه، وبرامجه، وفعالياته، بالرغم من كونها ضخمة بالفعل، ولا من خلال نجومه، وأسماء السينمائيين المشاركين فيه، مع أنه استطاع أن يستقطب بالفعل عدداً هائلاً من نجوم السينما الصينية، والآسيوية، والعالمية.
تميزه الأكبر، حسب ما شاهدته، وشهدته خلال الأيام التي قضيتها فيه، متابعاً ومشاركاً في إحدى لجان تحكيمه، يكمن في انفتاحه على العالم، والأذرع التي يمدها للترحيب والاستعداد للتعاون ليس فقط مع الغرب، ولكن بشكل أكبر مع قارات وبلاد العالم الأخرى، مثل أميركا اللاتينية وأستراليا والبلاد الآسيوية المجاورة، وأيضاً مع سينما العالم العربي، التي أصبح لها نصيب كبير من اهتمام المهرجان السياسي، والفني، واستقبال الجمهور الصيني المتعطش للتعرف على الثقافات الأخرى، وخاصة القريبة من ثقافته، وتقاليده، ومشاكله.
باقة فنية وجغرافية
في مسابقات وأقسام مهرجان “شنغهاي” المختلفة، شاركت تسعة أفلام عربية منتقاة بعناية، تمثل السينما العربية الجديدة تمثيلاً جيداً سواء من الناحية الفنية أو الجغرافية، معظمها شارك في مهرجانات سابقة، وحصل على جوائز، وحقق مكانة مميزة بدرجات متفاوتة.
ومن الأفلام التسعة، فيلمان لبنانيان هما الروائي “وادي المنفى” للمخرجة الكندية الإيرانية آنا فهر، والذي يتناول حياة اللاجئين السوريين في لبنان، والفيلم الوثائقي “متل قصص الحب” (وعنوانه بالانجليزية Diaries From Lebanon) الذي يصور مجموعة من الشباب، والفنانين الحالمين بالتغيير قبيل وبعد الانتفاضة الشعبية التي منيت بالفشل، ودخول البلاد في نفق سياسي غامض، وحقق الفيلم ردود فعل طيبة عقب عرضه الأول في مهرجان “برلين” الماضي.
ويشارك المخرج السوري طلال دركي في لجنة تحكيم مهرجان “شنغهاي”، ويعرض له أحدث أعماله “تحت سماء دمشق”، وهو إنتاج أوروبي مشترك، سبق له المشاركة، والفوز في العديد من المهرجانات، كان آخرها مهرجان “الإسماعيلية” الماضي.
ومن فلسطين يشارك فيلم “أرض مجهولة”، أول أفلام المخرج مهدي فليفل الروائية، والذي عرض للمرة الأولى خلال مهرجان “كان” الماضي.
تجارب من المغرب والمشرق
ومن المغرب العربي يشارك فيلمان حققا نجاحات كبيرة خلال العام الماضي، وهما “كذب أبيض” للمغربية أسماء المدير، و”بنات ألفة” للتونسية كوثر بن هنية. وكلا الفيلمين حصد عشرات الجوائز، ووصلا إلى تصفيات الأوسكار الأخيرة.
ومن الخليج يشارك في شنغهاي فيلمان عربيان آخران هما السعودي “هجن” للمخرج أبو بكر شوقي، والإماراتي “ثلاثة” للمخرجة نايلة الخاجا.. الأول شارك في مهرجاني “تورنتو”، و”البحر الأحمر” بالعام الماضي، والثاني مغامرة إنتاجية مستقلة، حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وجدير بالذكر أن النسخة التي عرضت في “شنغهاي” كانت “مدبلجة” باللغة الصينية عن طريق تقنيات الذكاء الصناعي، حيث تم “الدوبلاج” محتفظاً بأصوات الممثلين الأصليين.
ومن السودان، عرض فيلم “وداعاً جوليا” للمخرج محمد كردفاني الذي يحل ضيفاً على “شنغهاي”، بعد رحلة طويلة عبر المهرجانات أيضاً.
نجاح جماهيري وثقافي
الأفلام التسعة شهدت إقبالاً جماهيرياً كبيراً، مثل بقية عروض المهرجان، حيث امتلأت القاعات في كل الحفلات تقريباً، ورغم ارتفاع أسعار تذاكر المهرجان، مقارنة بأسعارها العادية، حتى أن إدارة المهرجان قررت فتح مزيد من القاعات، وإعادة عرض الكثير من الأفلام.
وجدير بالذكر أن مهرجان “شنغهاي” يوفر منصة للموزعين الصينيين، حيث يقومون باختيار بعض الأفلام للتوزيع العام بعد ذلك، ونظراً للزيادة الكبيرة التي تشهدها الصين في بناء دور العرض السينمائي، في ظاهرة لا مثيل لها في العالم، ربما باستثناء المملكة السعودية، ما يجعل الصين أهم بلد في التوزيع العالمي لأي فيلم، مثلما أصبحت السعودية أهم بلد في توزيع أي فيلم عربي.
ويروي الناس في شنغهاي أمثلة من بينها ما حدث للفيلم اللبناني “كفر ناحوم” لنادين لبكي، الذي وزع في الصين عقب فوزه بإحدى الجوائز في المهرجان، وقد حقق إيرادات تقرب من 55 مليون دولار، في رقم غير مسبوق لأي فيلم عربي على مر التاريخ!
الصين والسعودية..تشابهات وتعاون مرتقب
الصين هي البلد الأكثر تأثيراً في صناعة السينما العالمية الآن، وهي تحتل المركز الأول في عدد التذاكر التي تحققها الأفلام، سواء كانت صينية أو أجنبية، كما وصل عدد شاشات العرض السينمائي فيها إلى ما يزيد عن 75 ألف شاشة.
من ثم، كان من الطبيعي بالنسبة لمهرجان شنغهاي وبالنسبة للسينما السعودية أن يلتقيا، ويبحثا عن إمكانيات التعاون المشترك، وقد تجسد ذلك من خلال الجناح الذي قامت هيئة الأفلام السعودية بإقامته داخل السوق الضخم الذي يضمه مهرجان شنغهاي، والذي خصص له مبنى تراثي أنيق، وعريق.
وقد مثل الجناح فرصة لعقد العديد من اللقاءات مع ممثلي شركات صينية، وعالمية لعرض التطورات التي حدثت في مجال السينما في المملكة، والتسهيلات التي تقدمها الحكومة والهيئة للإنتاج المشترك، ولعلنا نرى ثمرة هذه اللقاءات في أفلام يبدأ إنتاجها قريباً.