رغم أنه كاتب من كتاب الظل، الذين فضلوا الابتعاد عن الأضواء، إلا أن أعماله جعلته متواجدًا دائمًا فى ذاكرة الثقافة العربية، ورائد من رواد القصة القصيرة، إذ اتخذ من السريالية منهجًا لكتاباته، واختار الواقع المصرى مكانًا تدور فيه رؤاه، واعتمد الأوجاع المعيشة مادة خصبة لقلمه، فصار رائدًا من رواد التجديد، أنه الكاتب الكبير محمد حافظ رجب.
وقدم “رجب” العديد من الأعمال القصصية الرائعة من أشهر “رقصات مرحة لبغال البلدية” الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1999، حيث يثير فيها الأديب محمد حافظ رجب جدلا ضمنيا متجددا حول إمكانية تناول الحياة وما فيها من أحداث و ظواهر بسيطة، بوصفها فنا، يحمل طاقة الأحلام أو الواقع الفائق من داخل الخطاب الواقعى نفسه.
وتعد المجموعة القصصية سالفة الذكر إضافة جديدة للقصة العربية المعاصرة فهى تؤكد قدرة الكاتب على المثابرة والاجتهاد فى عمل شكل جديد للقصة العربية حيث أنه يعمل على توظيف اللغة والموروث الشعبى، كما أنه يعمل على توظيف اللغة توظيفا جديدا للتعبير عن عالم فى خياله وإن كان موجودا فى الحقيقة، وجدير بالذكر أن هذه المميزات تضع الكاتب بين رواد التجديد فى القصة العربية المعاصرة.
وبحسب الناقد محمد سمير عبد السلام، فى نص (رقصات مرحة) يجسد السارد هامشية البطل من خلال وضعه فى إطار متصدع يراقب من خلاله العالم، وكلما أوشك الجدار أن ينهدم تعلو فى البطل الطاقة الخيالية المضادة للقهر حيث يتوحد بالصوت المنطلق بلا حدود، يقول “الطبلة يدق عليها صبى متوحش، داخل أذنى الدقات الهادرة تركض كالبغال الجامحة، ولد يغنى ادلع و ارمينى على وش المية .. قطاع الطرق يسدون عين الشمس، ويل للجميع منهم” ص 16.
وفى نص (الزحف نحو الأصفر) يتعامل السارد مع المدلول الذهنى كموضوع ملموس فيذكرنا بواقعية ناتالى ساروت الشيئية، فمرض الصفراء الكامن فى الصبى ولاء يستحيل إلى طاقة وحشية لها حضور خارج عن هيمنة الوعي، كأنها تجريد صاخب للتكوين الأصفر معزولا عن ولاء، الأصفر يقاوم العدم الأصيل فى مدلوله إذ يحذر الأطباء من زيادة الحركة و الإكثار من تناول العسل و المربى.
المصدر: اليوم السابع