نلقى الضوء على كتاب “تأملات قبل النوم” للفيلسوف أوشو، وهو كتاب يضم بين دفتيه أحاديث المتصوف لتلامذته ومريديه، ويعتبر مكملاً لكتابه الآخر “صباح الخير”، إنها أحاديث أشبه بأفكار تأمليه ينهى الإنسان بها نهاره.
قيل إن الإنسان، يأوى إلى فراشه، مثقلاً بهموم يوم مضى، أو بآمال يوم سيأتي، لذا، فأفكار لحظة النوم، هى ذاتها التى تشغله عند صباح اليوم التالى، من هنا، نرى كثيرين منا، يأوون إلى فراشهم وعقولهم منشغلة بما حصل معهم فى اليوم السابق، لربما فى أحداث دراما شاهدوها على التلفاز، أو بما جوبهوا به من مشاكل فى عملهم أو علاقاتهم مع الآخرين.
وإذا كان كتاب “صباح الخير”، يحتوى على ما يعين المرء لاستقبال يوم جديد بحيوية ومرح وحماس وبرغبة فى مشاركة الآخرين نشاطاتهم وتفاؤلهم، فإن هذا الكتاب “تأملات قبل النوم” يحتوى مقتطفات أختيرت بعناية فائقة وبتسلسلية منطقية حتى تمنحنا نوماً عميقاً هادئاً وقدرة على الاسترخاء الجسدى والاستراحة الوجدانية. حتى يصبح الإنسان مستعداً لتقبل محبة الله ونعمته.
ليس من الضرورى أبداً، اعتبار الشهر الأول فى هذا الكتاب، هو أول شهور السنة، التقويمية، بل هو بداية علاقتك مع أفكار أوشو وتأملاته التى هى تتمه لما جاء فى كتاب تأملات الصباح.
ليس ضرورياً قراءة هذا الكتاب وكأنه رواية عاطفية أو ما شابه، بل على أساس، أن كل مقطع هو مستقل عن المقاطع الأخرى، وإن كان على تسلسل معها، لذا، ليس عجباً أن نقرأ مقطعاً ونحن نتناول العشاء أو بعده، أو ونحن نلقى رأسنا على الوسادة. كذلك فهذه التأملات، لا تهدف إلى طلب رضا القراء أو عدمه، وليست لإثارة النقاش والتحليل. وليست لتؤخذ على أنها حقيقة مطلقة، وإلا ستتحول إلى نوع من القيد أو العائق الذى يحول دون البحث عن شمولية المعرفة. إنها فقط، تقدم لك، ما ينعش ذاتك فتنتشي، خذ المعانى مجردة من الكلمات الجامدة.
قراءة كلمات أوشو، هى أشبه بسماع معزوفة موسيقية، تريح الجسد والعقل معاً. اختبر هذه الموسيقى وتخيل أنك تتنشق باقة ورد، واسمح للعطر والأريج أن يتسللا إلى ذاتك الروحية.
يقول الكتاب فى اليوم الثامن من الشهر الرابع:
فى عمق أعماق قلوبنا، ينبغى فهم أن الحياة أروع هدية، وأن كل لحظة هى ثمينة بحد ذاتها، ينبغى علينا عدم إضاعتها، وعلى المرء منا أن لا يستمر فى التقاط الأحجار الملونة وأصداف البحر عند الشاطئ، ثمة شىء آخر أكثر أهمية ينبغى فعله، على المرء أن ينظر باتجاه الداخل، عليه أن لا يبقى مهتماً فقط بالأشياء الخارجية، فهذه هدر للحياة، على المرء أن يبدأ فى البحث عما هو فى الداخل، عليه أن يتعمق عميقاً فى داخل وعيه ليستشعر مركز ذاته الداخلى، عندما تستشعر مركزك الداخلى تصبح قادراً على الإجابة عن كل الأسئلة، وتختفى الألغاز، ويصبح كل شيء واضحاً، نقياً، وشفافاً، تستطيع حينئذٍ أن ترى الأعماق أكثر فأكثر.
فى تلك اللحظة يفهم المرء معنى ما أعطاه الكون لنا، وكم نحن جاحدون بما أعطى لنا من نعم.
فلنكن مؤمنين ولنشكر الله على ما أعطانا ونرفع الصلاة ونتجه نحو المحبة، والنعمة المباركة. ولكن المرء لا يشعر بالامتنان والشكر، إلا إذا شعر بالقيمة، التى تكتنز بها الحياة، التى لا تقدر بثمن.
المصدر: وكالات