ثقافة اسلاميةسلايد 1
عام الرمادة فى السنة الـ18 من الهجرة .. ما يقوله التراث الإسلامى
على الرغم من الفتوحات والخير الكثير الذى عرفه المسلمون فى السنوات الأولى من الهجرة النبوية، ولكن الأيام لم تكن جميعها متساوية، فقد حدثت أيام صعبة منها، عام الرمادة فى السنة الـ 18 للهجرة، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير “ثم دخلت سنة ثمانى عشرة”، وقال ابن إسحاق، وأبو معشر: كان فى هذه السنة طاعون عمواس، وعام الرمادة، فتفانى فيهما الناس.
قلت: كان فى عام الرمادة جدب عم أرض الحجاز، وجاع الناس جوعا شديدا، وقد بسطنا القول فى ذلك فى سيرة عمر.
وسميت عام الرمادة: لأن الأرض اسودت من قلة المطر، حتى عاد لونها شبيها بالرماد.
وقيل: لأنها تسفى الريح ترابا كالرماد.
ويمكن أن تكون سميت لكل منها والله أعلم.
وقد أجدبت الناس فى هذا السنة بأرض الحجاز، وجفلت الأحياء إلى المدينة، ولم يبق عند أحد منهم زاد، فلجأوا إلى أمير المؤمنين فأنفق فيهم من حواصل بيت المال مما فيه مِن الأطعمة والأموال حتى أنفذه، وألزم نفسه أن لا يأكل سمنا ولا سمينا حتى يكشف ما بالناس، فكان فى زمن الخصب يبث له الخبز باللبن والسمن، ثم كان عام الرمادة يبث له بالزيت والخل، وكان يستمرئ الزيت.
وكان لا يشبع مع ذلك، فاسود لون عمر رضى الله عنه وتغير جسمه حتى كاد يخشى عليه من الضعف.
واستمر هذا الحال فى الناس تسعة أشهر، ثم تحول الحال إلى الخصب والدعة، وانشمر الناس عن المدينة إلى أماكنهم.
قال الشافعى: بلغنى أن رجلا من العرب قال لعمر حين ترحلت الأحياء عن المدينة: لقد انجلت عنك، ولأنك لابن حرة. أي: واسيت الناس، وأنصفتهم، وأحسنت إليهم.
وقد روينا: أن عمر عس المدينة ذات ليلة عام الرمادة فلم يجد أحدا يضحك، ولا يتحدث الناس فى منازلهم على العادة، ولم ير سائلا يسأل، فسأل عن سبب ذلك فقيل له: يا أمير المؤمنين إن السؤّال سألوا فلم يعطوا فقطعوا السؤال، والناس فى همٍّ وضيق، فهم لا يتحدثون ولا يضحكون.
فكتب إلى أمراء الأمصار: أن أغيثوا أهل المدينة ومن حولها، فإنه قد بلغ جهدهم.
وأخرج الناس إلى الاستسقاء فخرج وخرج معه العباس بن عبد المطلب ماشيا، فخطب وأوجز وصلى ثم حثى لركبتيه وقال: اللهم إياك نعبد وإياك نستعين، اللهم اغفر لنا وارحمنا وأرض عنا.
ثم انصرف فما بلغوا المنازل راجعين حتى خاضوا الغدران.
المصدر: اليوم السابع