منوعات

معادلة السعادة … السهل الممتنع في هذه الحياة

سؤال على بساطته إلّا أنّنا كثيرًا ما نقف عاجزين عن الإجابة عليه، ونغرق في تفكير عميق بين نعم ولا، وهل أنا سعيد أم لا؟! مالذي يجعلني سعيدًا؟ ولماذا لا أكون كذلك وتبدأ الحوارات الداخلية في التكاثر والتوالد، وأغرق في أفكار عميقة تبدأ من السؤال البسيط: هل أنا سعيد! وتنتهي في إمكانية قيامي برحلة إلى القمر، والتي ربما تجعلني أكثر سعادة مما أنا عليه!

السعادة في الحقيقة مفهوم مطاط جدًا ويحتمل الكثير من المعاني، فما قد تعنيه السعادة لشخص ما ربما يكون قمة البؤس لآخر، فالسعادة قد تكون في المال أو في العمل، في الزواج والأولاد أو في علاقات اجتماعية ناجحة، في مساعدة الآخرين وفي التلقي من الآخرين والحصول على الاهتمام منهم، في التدين والصلة بالله تعالى … في أشياء كثيرة في الحياة نتفق أو نختلف عليها. لكن مع ذلك يمكن القول أنّ هناك بعض المفاهيم العامة التي يتفق عليها الجميع، والتي تحقق لهم السعادة، ولكن يبقى السؤال الأبدي الذي يراودني:

هل النجاح في الحياة يحقق السعادة لصاحبه؟ أم أنّ السعادة التي يشعر بها شخص ما في حياته تجعله ينجح؟

يمكن أن نضرب أمثلة كثيرة عن أشخاص ناجحين في الحياة ولكن غير سعداء، وبالمقابل أشخاص غير سعداء ولكن حققوا نجاحات كثيرة في حياتهم فما هو المقياس الحقيقي للسعادة؟!

يعتقد الكثيرون أنّ السعادة تعني أن تشعر بمشاعر إيجابية طوال الوقت، وأن تكون سعيدًا ومبتسمًا مهما كانت الظروف التي تعيش بها. لكن الحقيقة أنّ هناك فرق بين المشاعر والسعادة وهذا ما بينه لنا الدكتور شريف عرفة في كتابه: (كيف تصبح إنسانًا)، فالمشاعر هي حالة مؤقتة تشعر بها كرد فعل نتيجة لحدث ما أو ظرف ما، ولكن السعادة هي حالة عامة تعيش معها، فهل أنت سعيد؟

إذا كنت تريد أن تعرف الإجابة فانظر إلى المعادلة الآتية، واسأل نفسك إذا كنت تحققها أم لا:

السعادة = الرضا + مشاعر إيجابية أكثر + مشاعر سلبية أقل

الرضا

هل أنت راضٍ عن حياتك بشكل عام؟ هل يعجبك المرحلة التي وصلت إليها في حياتك من الإنجازات والأعمال أو الشهادة التي حصلتَ عليها؟! إذا كانت إجابتك نعم فهذا يعني أنّك حققت جزءًا من معادلة السعادة في حياتك، فكيف تصل إلى مرحلة الرضا؟

الإنجاز

ولكن هذا لا يعني أن تكون غير طموح ولا تسعى للأفضل في حياتك، وتقبل بواقع قد يكون سيئًا كما يصور الإعلام أحيانًا حالة الرضا، ولكن الرضا أن تحب ما تفعله وتندمج فيه سواءً كان دراسةً أو عملًا أو هوايةً. لدرجة أنّك تنسى نفسك أثناء القيام به، أن تسعى لتكون أفضل مع رضا بما أنت عليه في الوقت الحالي …

قد يظن البعض أن هذا أمر سهل لكن هو ليس كذلك والأمر ليس بالكلام فقط، بل بالحالة الداخلية التي تعيش بها في حياتك وتقوم بها في أعمالك.

تقدير ما لديك

هل يمكنك إحصاء مالديك من نِعَم ومقتنيات ومعطيات مادية سواءً كانت أو معنوية؟

أعتقد أنّ هذا لن يكون سهلًا … ابتداءً من هذا الجهاز الذي تقرأ من خلاله المقال، والإنترنت الذي استطعت الحصول عليه. انتهاءً بقدرتك على القراءة والتي يوجد الكثيرون محرومون منها في هذا العالم، جرب واكتب كل يوم بعض الأشياء الجيدة التي حصلت معك، وستجد أنّك تعيش حالةً أفضل مما أنت عليه وسيزيد شعورك بالرضا عن حياتك والامتنان لما أنت عليه.

الشعور بالرضا والامتنان عن حياتك يرفع لديك القدرة على العمل أكثر والسعي لتحقيق طموحاتك، ويجعلك أكثر قدرة على العمل بنشاط وإبداع أكبر.

“الرضا ليس مرتبطًا فقط بتحقيق الأهداف، بل بالاستمتاع بالحياة ونحن في طريقنا نحو هذه الأهداف”

الرضا عن نفسك

تمر في حياتك بالكثير من المشاكل وترتكب الكثير من الأخطاء، وقد تجعلك هذه الأخطاء تعتقد أنّ العيب فيك وأنّك شخص سيّئ وتدخل في دوامة عدم الاستحقاق، وتبدأ بالاقتناع أنّك غير قادر على القيام بالأمور كما يجب. لكن الحقيقة أنّ الخطأ جزء أصيل لا يتجزأ من حياة الإنسان، ومن لايخطئ هو شخص لم يخض تجارب أصلًا. المشكلة تكمن في الغرق في حالة تأنيب الضمير والشعور بالدونية واحتقار الذات، وهذا سيسبب لك الكثير من الإحباط والعجز عن القيام بأعمالك كما يجب.

أنت إنسان فيك مميزات وعيوب كأي شخصٍ آخر على سطح الأرض، ومامن أحد كامل إلّا الله تعالى.

مشاعر إيجابية أكثر ومشاعر سلبية أقل

لا أحد يمكن أن يعرفك أكثر من نفسك يمكنك الآن أن تمسك ورقة وقلمًا وتكتب فيها الأشياء التي تجعلني أشعر بمشاعر إيجابية، وبالمقابل الأشياء التي تجعلني أشعر بمشاعر سلبية، وضعها أمامك ودائمًا كلما هممت بعمل شيء ما فكر هل يعطيك مشاعر إيجابية أم سلبية؟ إن كانت مشاعر سلبية فأعد التفكير به، وإن كانت إيجابية فقم به واستمتع به.

اترك تعليقاً

إغلاق