مع انتهاء المواسم الدراسية، يبدأ الكثير من الطلاب رحلة بحثٍ عن منح الدراسة الخارجية قصد الاستفادة منها، ففترة العطلة الصيفية هي أنسب مدة تتيح للجميع التفرغ للبحث والتقديم عليها. ولكن، قد يتراجع الكثيرون عن هذه الفكرة، والتي تعد فرصة مهمة، لمجرد التخوف من نقطة ما أو فشل متوقع استنادًا لمجموعة من الأفكار الشائعة بالخصوص، والتي تكون في أغلب الأحيان خاطئة. لهذا، سنستعرض في القادم من الموضوع مجموعة من الشائعات غير الصحيحة حول المنح الدراسية.
المنح في حد ذاتها كذبة لا يجب تصديقها
هناك الكثير ممن يعتبرون المنح كذبة لا يجب تصديقها، وأنّ التقدم للدراسة في الخارج يكون بشكل أو بآخر بطريقة مباشرة عبر السفر أو مراسلة الجامعة المراد الالتحاق بها دون أي وسيط. لكن الأمر غير صحيح، فالمنح الدراسية متوفرة وإن ظهرت في الآونة الأخيرة الكثير منها مزيفة، فقد ناقشنا في موضوع سابقًا أهم السبل لاكتشافها وتجنبها. لهذا، يكفي أن تحرص وتتوخى حذرك، فالمنح حقيقة وليست مجرد شائعة.
المنح الدراسية حكرٌ على المتفوقين دراسيًا
يظن الكثير أنّ السبب الوحيد لضمان الحصول على منحة دراسية هو التفوق الدراسي والنجاح المستمر، بحيث يُعتقد أنّ أوائل القسم هم الوحيدون القادرون على الفوز بمنحة دراسة في الخارج. لكن الأمر غير صحيح، والمؤشر الأهم الذي يثبت صحة ما أقول هو مجموع الوثائق والمعلومات التي يتم طلبها إلى جانب المستوى الدراسي والشهادات، فكل المنح تقريبًا تطلب رسالة دافعٍ ومجموع معطيات عن الأنشطة الموازية التي يقوم بها المترشح ومواهبه واهتماماته، وقد يتم أيضًا طلب إجراء مقابلات شفوية أو كتابية. لهذا، يكفي أن تعي تمامًا أنّ ضمان حصولك على المنحة يتخطى حدودك الدراسية إلى أبعد من ذلك، لتشمل حصيلك المعرفي وتكوين شخصك وثقافتك.
عدد المنح الدراسية سنويًا ضعيف جدًا
قد يعتقد البعض أنّ عدد المنح المتوفر سنويًا قليلٌ وأنّه يقتصر على الفترة ما بين موسمين دراسيين، لكن الأمر غير صحيح، فالمنح الدراسية عددها كبير جدًا قد يتخطى الآلاف. لهذا، يجب أن يحرص المهتم على متابعة كل مستجداتها عبر محركات البحث والمواقع الرسمية، فالإنترنت بات وسيلة فعالة لمتابعة ذلك.
عملية البحث والتقديم طويلة ومعقدة، ونتيجتها غير مضمونة!
رغم أنّ الإنترنت أصبح وسيلةً كما أشرنا سابقًا معتمدة ومتوفرة لمتابعة مستجدات المنح، لازال الكثير منا يعتقد أنّ العملية معقدة لكنها ليست كذلك، إذ هناك الكثير من المواقع الإلكترونية المتخصصة فعليًا لطرح المنح الدراسية المتاحة بطريقة تجميعية تختزل وقت البحث بشكل كبير، أمّا بخصوص عملية التقديم فهي تبقى إلى حد ما طويلة وقد تبدو معقدة خصوصًا بالنسبة للمتقدمين الجدد، لكن الكثير من الجامعات والمؤسسات الراعية للمنح الدراسية توفر بريدًا إلكترونيًا أو منصة نقاش يطرح خلالها المهتمون أسئلتهم واستفساراتهم من أجل ضمان أكبر قدرٍ من التقديم السليم.
أمّا بخصوص ضمان النتيجة فالأمر سيان بالنسبة لكل المتقدمين. لهذا، لا تجعل الأمر عائقًا أمام تقديمك.
وسط هذا الكم الهائل من المرشحين، فرصتي شبه معدومة!
تماشيًا مع ما قيل في آخر النقطة السابقة، فالكثير يفقد أمل الحصول على منحة دراسية قبل أن يترشح حتى! ظنًا منه أنّ فرصته شبه معدومة مقارنة بالعدد الكبير للمتقدمين، خصوصًا وأنّ المقاعد المخصصة لأصحاب المنح تكون قليلة هي الأخرى، مما يضاعف إحباطه ويقل من عزيمته. حسنًا! دعني أخبرك أنّ هذه النقطة بالذات صحيحة! أجل هي كذلك، لكن مع تعديل بسيط. ففرصتك ليست شبه معدومة وإنّما هي قليلة. إن أنت اعتبرها هكذا فستختلف نظرتك للأمر. فنسبة فوزك وإن كانت ضعيفةً فهي متساوية مع جميع المرشحين. لهذا، دعك من هذا العذر التافه وقدم على المنحة إن أنت فعلًا تطمح الحصول عليها.
هناك أولويات وأسبقيات غير معلنة تحكم قبول المرشحين
إنّ فقدانك للثقة في مصداقية المنح التي تحول دون ترشحك، قد تكون نتيجة فشلك في الحصول عليها مسبقًا، أو من خلال إشاعة منشورة بينك وبين زملائك وأصدقائك. لكن دعني أخبرك أنّ الإنترنت تحديدًا تملؤه الكثير من القصص والتجارب للعديد من الطلاب الحاصلين على منح دراسية دون أي تدخل بطريقة غير مشروعة، وأعتقد أنّ الأمر كافٍ بالنسبة لك لغض البصر عن هذه الأفكار السوداء. لكن، حتى لو افترضنا أنّ هذه الشائعة صحيحة فتأكد أنّها لن تطال جميع المنح أو جميع المقاعد المتوفرة. لهذا، تغاضى عنها وقدم للمنحة.
إما منحة ممكنة من جامعة سيئة أم منحة مستحيلة من جامعة مميزة!
هناك من يرى أنّ منح الجامعات المرموقة دائمًا ما تكون معقدة وكثيرة الشروط عكس منح الجامعات المتوسطة، وهذا صحيح نظرًا للمكانة الخاصة التي تحتلها الجامعة والتي تخول لها، نظرًا لقيمتها ولجودة تدريسها، فرض شروط قاسية أو دقيقة لقبول الطلاب. الحل هنا، ببساطة يتمثل في وجوب حسن اختيارك للجامعة، فقبل أن تقدم على المنحة يجب أن تجمع أكبر قدرٍ من المعلومات حول المؤسسة الراعية والجامعة المعتدمة، وأيضًا البلد الحاضن لهذه المؤسسة التعليمية. خلال ذلك يجب أن تعي أنّه لا يوجد ما يسمى ب “جامعة سيئة” فالتعليم الجامعي مهما اختلف مكانه يعتمد أولًا وأخيرًا على قدرات الفرد وتعلمه الذاتي.
العمل الاجتماعي والتطوعي من أهم نقاط اختيار المقبولين في المنح الدراسية
هناك بعض المنح التي تشترط مشاركة المتقدم في أعمال جمعوية وأنشطة موازية، وهذا أمر قليلٌ وإن وجد فإنّما لارتباطه بطبيعة النشاط والمنظومة التعليمية التي تعتمدها الجامعة الحاضنة. لهذا، لا يجب أن تتخوف من هذه النقطة وتراجع شروط كل المنح ومدى تناسبها مع قدراتك. فالمنح، وإن اتحدت في الكثير من النقاط فهناك مميزات لكل واحدة منها (ليست تعجيزية أو صعبة).
تكاليف المنحة وما بعد المنحة أمر يصعبُ توفيره
هناك منح كاملة أو شبه كاملة تغطي جميع أو معظم التكاليف، لكن يبقى هناك مصاريف يجب توفيرها إن تم قبولك في المنحة المتقدم إليها. هي أمور ليست بالصعبة ولا بالمفاجئة، فأنت تعي جيدًا قبل التقديم على المنحة أنّ تكاليف السفر والإقامة والعيش أمورٌ يجب توفيرها. لكنها تختلف باختلاف الأماكن، وليست مرتفعة في كل البلدان والمدن. لهذا، يجب أن تراعي قدراتك المادية وحسن تدبيرك وتسييرك توازيًا مع تقديمك للحصول على المنحة. نشير هنا إلى أنّ هناك مؤسسات تقدم دعمًا كاملًا للطلاب في الخارج. لهذا، فالظروف المعيشية والمادية أمر سيسهل توفيره بعد الحصول على المنحة، فلا تجعل منه عائقًا أمامك.
بعد تخطيك لكل هذه الشائعات يكفي الآن أن تبدأ باكتشاف نفسك وقدراتك ومدى ملاءمتها مع متطلبات المنح الدراسية المتاحة. ولا تنسَ أن تشاركنا خبراتك سواءً مع ما سمعته من شائعات مرتبطة بالموضوع أو في الدراسة في الخارج.