واحدة من المجموعات القصصية المميزة التى صدرت فى السنوات الماضية كانت مجموعة “فى مستوى النظر” للكاتب منتصر القفاش، والحاصلة عن جائزة ساويرس الثقافية فرع القصة لكبار الكتاب مناصفة مع الكاتب الكبير مكاوى سعيد، والصادرة التنوير – بيروت 2012.
هى حكايات عن الدور الأرضى الذى يراه الكاتب جزءا من البيت وجزءا من الشارع فى الوقت نفسه، سكان الدور الأرضى يؤثرون فى حياة العابرين فى الشارع إذا قرروا فتح شباكهم بلكونة أو تقفيل بلكونتهم شباكا” والمجموعة تأتى دهشتها من كونها تفجر فى داخلك اندهاشا من ذاتك وأنت تقرأ المجموعة حيث اللغة غير المستهلكة والصور الحية المعبرة.
والمجموعة تتكون من 21 نصاً بما يمثل متوالية قصصية تستمد مادتها من العمارة التى يسكنها الراوى “كريم”، ويسردها بضمير المتكلم غالباً، متنقلاً بين أطوار عمره من الطفولة إلى مطلع الشباب، كما تميزت المتتالية بالوصف البصرى وامتزاج الخيال بالواقع وتنوع النماذج المشاركة فى تشكيل هذه اللوحة السردية، حيث الأطفال المفتونون باللعب ومشاكسة الكبار الواعظين، والرجال الذين أحيلوا على المعاش ويبحثون عن تزجية أوقاتهم المستطيلة، والنساء ربات البيوت المتنبهات لكل ما يحدث فى الشقق والعمارة، المتضامنات عند حلول الملمات.
كما تتحرر الكتابة فى المتتالية من البلاغة الميتة المكررة التى تعيد نفسها وتأتى جمالياتها الفنية بصورة غير مغرقة فى العادى ولا فى الغريب وفى الوقت نفسه دالة.
ليس عن هذا فقط يحكى منتصر القفاش وإنما هؤلاء الذين كانوا يومًا فى الأدوار العليا وبإقامة إحدى الكبارى العشوائية نزلوا إلى “مستوى النظر” فأصبحوا يقيمون علاقات بأعينهم مع عابرى الكوبري، وهؤلاء الذين يمرون بنا فنصطدم بهم ونعجب كيف أننا لم نرهم مع وجودهم بالضبط “فى مستوى نظرنا”. هنا بالضبط تضع هذه المجموعة القصصية نفسها فى اكتشاف المعتاد – أو ما يبدو بالتكرار معتادًا – وتخرج منه كل طاقات السخرية والتأمل فيبدو أمامنا مدهشا وكأننا نراه للمرة الأولى، نندهش مرة أخرى كقرّاء أن كل هذا كان “فى مستوى نظرنا” وجاءت هذه المجموعة القصصية لتجعلنا نراه.
وصدرت لمنتصر القفاش من قبل ثلاث مجموعات قصصية هى «نسيج الأسماء» (1989)، و«السرائر» (1993)، و«شخص غير مقصود» (1999). كما صدرت له ثلاث روايات هى «تصريح بالغياب» (1996)، و«أن ترى الآن» (2002)، و«مسألة وقت» (2008) والتى نال عنها جائزة ساويرس للأدب فرع كبار الكتّاب عام (2009).
المصدر: اليوم السابع