ثقافة الشرق

مكتبة الإسكندرية القديمة.. أشهر مؤسسة ثقافية حكومية فى التاريخ.. من تعلم فيها؟

تمر اليوم ذكرى افتتاح مكتبة الإسكندرية بشكلها الحديث، فى 16 أكتوبر من عام 2002، لكن تحت أطلال هذا المبنى الحديث، كانت هناك مكتبة عظيمة علمت العالم.
يقال أن مكتبة الإسكندرية فكر فيها الإسكندر الأكبر، لكن التاريخ يؤكد أنها ظهرت إلى الوجود على يد بطليموس الثانى، فى أوائل القرن الثالث قبل الميلاد.
 أما الشخص الخفى، وراء الصرح فقد كان، يمتريوس الفاليرى اليونانى، الذى كان يعمل مستشار لبطليموس الأول  وهو من نظم المكتبة، وضمت المكتبة نحو 700 ألف مجلد.
لكن هذه المكتبة التى علمت العالم القديم، تعرض لحريق كبير قضى عليها تماما، وأكثر الروايات تعلقا بهذا الحريق، هى أنه  فى عام ‏48‏ ق‏.‏م قام يوليوس قيصر بحرق 101 سفينة كانت موجودة على شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية بعدما حاصره بطليموس الصغير شقيق كليوباترا بعدما شعر أن يوليوس قيصر يناصر كليوباترا عليه، وامتدت نيران حرق السفن إلى مكتبة الإسكندرية فأحرقتها.
وفى كتاب “حكاية مكتبة الإسكندرية القديمة”، للكاتب والباحث حسام الحداد، أن مكتبة الإسكندرية القديمة ترجع شهرتها لكونها أقدم مكتبة حكومية عامة فى العالم القديم وليس لأنها أول مكتبات العالم فمكتبات المعابد الفرعونية كانت معروفة عند قدماء المصريين ولكنها كانت خاصة بالكهنة فقط والبطالمة أنفسهم الذين أسسوها كانوا يعرفون المكتبات جيدا، كما ترجع عظمتها أيضا أنها حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية وبها حدث المزج العلمى والالتقاء الثقافى الفكرى بعلوم الشرق وعلوم الغرب، فهى نموذج للعولمة الثقافية القديمة التى أنتجت الحضارة الهلينستية، حيث تزاوجت الفرعونية والهلينية.
 ويرى الكتاب أن عظمتها ترجع أيضا إلى عظمة القائمين عليها، حيث فرض على كل عالم يدرس بها أن يدع بها نسخة من مؤلفاته ولأنها أيضا كانت فى معقل العلم ومعقل البردى وأدوات الكتابة مصر، حيث جمع بها ما كان فى مكتبات المعابد المصرية وما حوت من علم أون وأخيرًا وليس آخر تحرر علمائها من تابو السياسة والدين والجنس والعرق والتفرقة، فالعلم فيها كان من أجل البشرية فالعالم الزائر لها أو الدارس بها لا يسأل إلا عن علمه لا عن دينه ولا قوميته، وقد فاق عدد الحكماء المائة فى أكثر فترات المكتبة تألّقا فكانوا ينقسمون إلى فريقين حسب التصنيف الذى وضعوه هم بأنفسهم الفيلولوجيون والفلاسفة.
 ويرى الكتاب أنه من بين أجيال العلماء الذين تعاقبوا على مكتبة الإسكندرية وعملوا بها الساعات الطوال الدراسة والتمحيص، عباقرة حفظ التاريخ أسماءهم مثل أرخميدس “مواطن سيراقوسة”، وطور بها اقليدس هندسته، وشرح هيبارخوس للجميع حساب المثلثات وطرح نظريته القائلة بجيومركزية العالم فقال أن النجوم أحياء تولد وتتنقل لمدة قرون ثمّ تموت فى نهاية المطاف، بينما جاء أريستارخوس الساموسى بالأطروحة المعاكسة أى نظرية الهليومكزية “وهى القائلة بحركة الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس وذلك قبل كوبرنيكوس بعدة قرون”، نجد كذلك ومن بين جملة العلماء الذين عملوا فى المكتبة إراتوسثينس والذى ألّف جغرافية وأنجز خريطة على قدر كبير من الدقّة، وهيروفيلوس القلدونى وهو عالم وظائف استنتج أن مركز الذكاء هو الدماغ وليس القلب.
وكان من رواد المكتبة الفلكيون طيمقريطس وأرسطيلو وأبولونيوس البرغامى وهو رياضى معروف، وهيرون الإسكندرانى مخترع العجلات مسنّنة وآلات بخارية ذاتية الحركة وصاحب كتاب أفتوماتكا وهو أول عمل معروف عن الروبوتات.
 وفى مرحلة لاحقة وحوالى القرن الثانى فى نفس المكان الفلكى كلاوديوس بطليموس وعمل بالمكتبة أيضا جالينوس الذى ألّف أعمالًا كثيرة حول فن الطب والتشريح، ومن آخر أعلام الموسيون نجد امرأة تدعى هيباتيا أو هيباشيا وهى رياضية وفلكية كانت لها نهاية مأساوية وميتة شنيعة على أيدى بعض الكهنة المسيحيين.
(اليوم السابع)

اترك تعليقاً

إغلاق