ثقافة اسلامية
المرأة والمعرفة الدينية فى الإسلام.. سيدات العلم بتاريخ المسلمين
فى كتاب مهم صدر نهاية العام الماضى بعنوان “المرأة والمعرفة الدينية فى الإسلام” عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، تناول مهم لفاعلية المسلمات وأدوارهن المُساهمة فى العلوم الدينية الإسلامية على مدار ثلاثة عشر قرناً.
واختار الكتاب نماذج نسائية كانت لها إسهامات بارزة فى مجالات علوم الحديث والفقه والإفتاء، فتوقف الكتاب عند أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبى بكر الصديق، المُحدِّثة والمُفسرة والفقيهة، فهى من أوائل النساء اللواتى خضن حقول العلوم المنبثقة عن القرآن الكريم من تفسير وفقه وحديث، لقبها ترجمان القرآن عبدالله بن عباس بـ”أعلم أهل الأرض”، نظراً لاتساع فقهها ومعارفها، واشتهرت بدفاعها عن النساء بروايتها للأحكام التى تخصهن، ووقوفها أمام التفسيرات المسيئة لهن، فهى لم تكن حافظة للحديث فقط، تروى ما سمعت، وإنما كانت أيضاً ناقدة حجة فى علمى الدراية والرواية.
كما أوْلى الكتاب اهتماماً بالسيدة زينب بنت على، التى تحظى برمزية كبيرة فى التراث الدينى الإسلامى، فنظر فى طرق بناء صورتها، ودرس مختلف الأدوار التى اضطلعت بها، ووقف عند ملامح البنية الاجتماعية التى سمحت لفئة من النساء بأن يكنّ فاعلات، مواجهات لمختلف العقبات، طارحاً إشكاليات عدة متعلقة بصلة النساء بالسياسة وكيفية تعاطى المصادر التراثية معها.
وتطرق الكتاب إلى دور النساء المرتبطات بدراسة الحديث، واللواتى نشطن فى مصر فى العهد الفاطمي، فعمل على شقين: الأول: الكشف عن إطار تاريخ المساهمة النسائية فى علوم الحديث؛ والاعتراف بالمكان الذى شغلته أولئك النساء فى التاريخ الفكرى لمصر فى ذلك العهد؛ والثاني: تسليط الضوء على تجارب تلك النساء، ضمن المعايير الاجتماعية والثقافية التى أثّرت فى وكالة النساء فى مجتمع العلماء السنّى الذى كان يعمل فى ظل نظام رسمى مخالف. واستكمالاً للتحقيب التاريخى تمّ بحث دور المرأة المسلمة فى الحياة العلمية الدينية خلال العصر الوسيط الإسلامي، فى أبواب الإفتاء والفقه والتصوف وتأسيس المدارس.
لم تنحصر أدوار النساء فى المعرفة الدينية، فثمة نساء مارسن السلطة مباشرة أو من وراء حجاب وخضن معارك فى سبيل تقوية السلطان لأبنائهن أو لأنفسهن، لذا سعى الكتاب إلى فهم الواقع السياسى والاجتماعى والظروف التى قادت إلى تسلم عدد من المسلمات مقاليد الحكم فى التاريخ الإسلامي، مركزاً على شخصيتين إسماعيليتين: ست الملك الفاطمية والحرة أروى الصليحية اليمنية. فى عصر الدولة العثمانية تم التركيز على أربعة عناوين رئيسة: أولاً: وضع المرأة إبان الفترة التقليدية للدولة العثمانية (1299-1839)، ثانياً: وضع المرأة فى المجال الخاص إبان الحقبة التاريخية نفسها، ثالثاً: الممارسات المتعلقة بالمرأة على الساحة العامة، والأسس الإسلامية إبان هذه الفترة، رابعاً: وضع المرأة فى الدولة العثمانية إبان فترة الإصلاحات.
ضم الكتاب دراسة عن الحضور النسائى الصوفى بأدواره المختلفة خصوصاً فى مجال الإنتاج المعرفي، فالمتصوفات فى الإسلام لا يختزلن بكونهن عابدات زاهدات فحسب، فمنهن من بلغت مرتبة «الولي» ومن تمتعن بالقيادة الروحية. يكشف التاريخ الإسلامى عن وجود سبع جماعات دينية صوفية للنساء فى حلب، ما بين 1150م و1250م، كما وُجد ببغداد جماعات دينية صوفية عدة أشهرها على الإطلاق رباط فاطمة الرضية المتوفاة عام 521هـ/ 1127م، وفى القاهرة رباط البغدادية الشهير الذى بنته ابنة السلطان بيبرس الأول عام 684هـ/ 1285م على شرف المتصوفة الشيخة زينب بنت أبى البركات التى عرفت باسم بنت البغدادية.
(المصري اليوم)