ثقافة الشرق
الكويت.. مركز جابر الثقافي… لآلئ معمارية تشعّ ثقافة وحضارة
تقبع قبالة شواطئ الكويت 4 ألماسات متلالئة تشكّل تحفة فنية، تشهد على تميّز هذه الأرض وإبداع أهلها معماريا وثقافيا وحضاريا، وتتمثل هذه التحفة بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
وافتتح هذا الصرح الثقافي المتميز برعاية وحضور سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في 31 أكتوبر 2016، ليصبح واحدا من أضخم المشاريع الثقافية الحضارية على مستوى الكويت والمنطقة، حيث شهد منذ انطلاقه إلى اليوم حضور مليون و500 ألف زائر.
كما شهدت مسارح المركز وقاعاته أكثر من 250 فعالية ثقافية وفنية، شارك بها أكثر من 6 آلاف فنان وفنانة بين موسيقيين ومغنين وراقصين ومحاضرين، مثّلوا أكثر من 35 دولة حول العالم، وقد حضر تلك الفعاليات أكثر من 250 ألف زائر كانت نسبة رضاهم عن مستوى الأنشطة 94 في المئة، ليتمكن المركز خلال الفترة القصيرة من عمره من تحقيق إيرادات للدولة تجاوزت 4 ملايين و500 ألف دينار.
ويعد المركز تحفة هندسية ذات شقين، يتمثل الأول في التصميم والآخر في التنفيذ، إذ استوحي تصميم المركز من العمارة الإسلامية المميزة، ليتيح لزواره فرصة التمتع بالمنظر الداخلي للمركز وتصميمه الهندسي الجميل للقاعات والمسارح، إلى جانب موقعه على شارع الخليج العربي الذي أضفى أهمية سياحية للمركز، إضافة إلى أهميته الثقافية والفنية.
وقد صمم المركز ونفذ بإبداع دلت عليه 4 مبان على شكل جواهر متراصة بعضها إلى بعض ويمزج تصميم المشروع بين الضوء والظل، تميّزه من الخارج كتل متعددة الانكسارات تسمح بانعكاسات لأشعة الشمس من فتحات تختلف باختلاف ساعات النهار.
وصرح رئيس الشؤون المالية والإدارية بالديوان الأميري، رئيس اللجنة التنفيذية لإنشاء وإدارة المراكز الثقافية، عبدالعزيز إسحق، بأن الكويت لطالما كانت سباقة في ميادين الثقافة والفنون والآداب، ووجود هذا الصرح الحضاري على أراضيها إنما يشكل استحضارا للهوية الكويتية وإعادة تشكيلها من خلال الوسائل الهندسية الإبداعية الحديثة.
وأضاف إسحق أن الفضل ينسب في فكرة إنشاء مركز جابر الأحمد الثقافي وخروجه بهذا التصميم الإبداعي إلى الإدارة الهندسية في الديوان الأميري، التي استنبطت من تاريخ الكويت وحاضرها ومستقبلها، باعتبارها كانت ولا تزال جوهرة الخليج ومركز إشعاع حضاري في المنطقة وعاصمة للثقافة الإسلامية.
ويتخذ مركز جابر الثقافي من ساحة العلم منصة له على مساحة كلية قدرها 214 ألف متر مربع تضم حدائق ومساحات خضراء، وأربعة مبان رئيسة، ونافورة راقصة ومرافق تخدم الزوار مطلة على النافورة، مع توفير مواقف تتسع لـ 3200 سيارة.
وقد تباينت المباني الأربعة للمركز من حيث الغرض الذي صممت لأجله، فكان أكبرها مبنى المسارح بمساحة 10 آلاف متر مربع، وهو يتكون من «المسرح الوطني»، ويتسع لحوالي 2000 شخص، إضافة إلى مسرح الدراما الذي يتسع لـ 700 شخص ومسرح الاستديو (للبروفات) بسعة 200 شخص.
أما المبنى الثاني فهو «مركز الموسيقى» الذي يقع على مساحة 7000 متر مربع، ويضم قاعة الشيخ جابر العلي الموسيقية وتتسع لـ 1200 شخص، والقاعة المستديرة وتتسع لحوالي 600 شخص، فضلا عن مكتبة ومدرسة الموسيقى، وتضم مساحات متنوعة مخصصة للتدريبات والأنشطة التعليمية الجماعية.
وخصص المبنى الثالث من المركز للمؤتمرات، ويحتوي على قاعة سينما تتسع لـ 430 شخصا وقاعة متعددة الأغراض تتسع لـ 520 شخصا، إضافة إلى قاعة مخصصة للمحاضرات بسعة 122 شخصا.
واشتمل المبنى الرابع على قاعة المكتبة والمستندات التاريخية وقاعات ملحقة بها، ومسرح متعدد الأغراض يتسع لـ 354 كرسيا وقاعة اجتماعات.
وتشكّل نافورة المركز إضافة إلى المعالم السياحية والجمالية في الكويت، حتى باتت إطلالتها الساحرة بألوانها الزاهية وتشكيلاتها الجميلة مقصدا يجذب إليه أنظار زوار المركز.
وقام المركز باسحداث «مدرسة الموسيقى» للأطفال والناشئة من سن 6 إلى 12 سنة لتعلّم الموسيقى وفق منهج تربوي معاصر يشمل كافة الآلات. وتهدف المدرسة إلى احتضان المواهب الموسيقية للأطفال في الكويت، والأخذ بالمناهج الموسيقية المعاصرة والفاعلة والمنتشرة حول العالم لخلق تجربة تعليمية ممتعة وإبراز هوية الكويت الموسيقية، إضافة إلى تأسيس «أوركسترا» وفرقة للموسيقى العربية من الأطفال والناشئة الموهوبين.
ويواصل المركز فعالياته للموسم الثقافي الثالث 2019 – 2020 التي بدأت في 24 سبتمبر الماضي، وتستمر حتى 19 ابريل المقبل، ويقدم خلالها نحو 100 فعالية منها خلال يناير الجاري مسرحية «الثمن»، من تأليف الروائي الأميركي آرثر ميلر.
وفي مارس المقبل يقدم المركز عملا جديدا للمخرج العالمي الكويتي سليمان البسام، بعنوان «ميديا ميديا»، وهو عمل مستوحى من الأسطورة «ميديا» لكاتب التراجيديا الإغريقي يوربيديس. كما يشهد في مارس أيضا عرضا استثنائيا بعنوان «الكويت تنادي»، وهو عرض خارجي يتضمن قصصا قصيرة كويتية وأخرى عالمية يتم تقديمها بأسلوب مشوق، بالتعاون مع مجموعة «رامبير» الراقصة من بريطانيا.
فاز المركز بالعديد من الجوائز للابداع في التصميم، حيث فاز في يوليو 2017 بجائزة المباني في المنطقة العربية والإفريقية، التابعة لجائزة المباني العالمية عن فئتي أفضل مشروع هندسي، وأفضل مشروع عن فئة الهندسة الداخلية لفئة مباني القطاع العام. كما حصل في أغسطس 2017 على جائزة «ميرت» لأفضل المشاريع العالمية التي تمنحها مجلة «أي إن آر» الأميركية المتخصصة في قطاع الهندسة المعمارية. وفي سبتمبر 2017 حقّق المركز إنجازا جديدا بفوزه بجائزة أفضل تصميم داخلي في مباني القطاع العام بمهرجان التصميم الداخلي التجاري بدبي. كذلك حصل على جائزة «مجلة ميد العالمية» كأفضل صرح ثقافي وتراثي في منطقة الخليج العربي لعام 2018، وذلك من الناحية المعمارية والإنشائية.
(الجريدة)