فن
الناقد فؤاد زويريق :دراما رمضان في المغرب لم ترق بعد إلى مستوى الإبداع
كعادة كل عام تعرف مسلسلات رمضان في المغرب انتقاداً واسعاً ،خاصة هذا العام مع ظروف الحجر الصحي فقد اضطر أحياناً عدد كبير من المشاهدين لتتتبع أعمال مغربية ،وطفا على السطح نقاش لا ينتهي حول مستوى الدراما المعروضة التي عرفت هذا العام بعض التنوع والتعدد ،وعرفت مواقع التواصل الاجتماعي أخذاً ورداً بشأن ضعف المنتوج الدرامي وآليات الإبداع المتكامل التي تمنح المشاهد متعة الفرجة والمتابعة ،وقد خلق الناقد والكاتب فؤاد زويريق المقيم بهولندا بتدويناته اللاذعة أحياناً، نقاشاً كبيراً حول الأعمال الرمضانية، “سيدتي نت ” أجرى معه هذه الدردشة.
ماهي في تقديرك أهم مسلسلات رمضان المغربي ؟
في الحقيقة هناك الكثير من المسلسلات المغربية التي تعرض هذه السنة في قنواتنا بالإضافة إلى المولود الجديد قناة MBC5، يعني اننا نجحنا إلى حد كبير في تحقيق الجزء الأول من المعادلة وهو عنصر الكمّ، وهذا جميل، لكن إذا ما اطلعت عليها ستكتشف أن هذه المعادلة مختلة في جزئها الثاني وهو عنصر الكيف وأن أغلب المسلسلات للأسف متواضعة جداً فنياً وتقنياً وفكرياً، طبعاً هناك استثناءات لكنها قليلة جداً.
تابعي المزيد:الديفا سميرة سعيد تروج لأغنية تتر المسلسل المغربي “هي”
لماذا هاجمت الأعمال الرمضانية بقسوة؟
لم أهاجم الأعمال الرمضانية بل انتقدتها بما يمليه علي حسّي الفني والفكري كمتلق وكناقد، وانتقادي هذا قد يكون حاداً بعض الشيء لكنه بعيد عن القسوة أو الهجوم وهذا كله من منطلق غيرتي على الفن المغربي وباعتباري مواطناً مغربياً ينتظر بشوق الموسم الرمضاني للاطلاع على آخر الأعمال الدرامية المغربية للاستمتاع بها، لكنه في الأخير يصطدم بمستواها المتواضع جداً رغم أن المغرب يزخر بخزان كبير من الطاقات الإبداعية في كل المجالات كالكتابة مثلاً والإخراج والتمثيل… طاقات ستؤهلنا لا محالة للحاق بركب الدول العربية التي سبقتنا في هذا الميدان والدخول معها في منافسات شرسة لكنها للأسف -اعني الطاقات- عوض الاعتماد عليها يتم تهميشها وتعويضها بشبه فنانين وكتاب سيناريو. والنتيجة ما تعج به قنواتنا كل سنة من أعمال تافهة.
وما هي انتظاراتك كمشاهد وكناقد من الدراما الرمضانية في المغرب؟
انتظاراتي ستكون كانتظاراتي كل سنة محملة بالخيبات، وستكون كانتظارات كل مغربي فَقَدَ الأمل في تحقيق محتوى درامي يحقق تطلعاتنا ولا “يستغبينا” كجمهور، وأنا الآن مقتنع تماما ان ذلك لن يتحقق ما لم تتغير المنظومة ككل.
ماهي أفضل أعمال هذا العام مغربياً في تقديرك؟
اختيار الأفضل صعب لكن إذا ما فرض علي فسأختار المسلسل الدرامي ”مرجانة” وهو عمل مقتبس من رواية (أرض المدامع) لبشير الدامون وقوته تكمن في الكتابة (الأديب بشير الدامون) والإخراج (المبدع الشريف الطريبق) وهما عنصران نفتقدهما في باقي الأعمال، كما نلمس فيه أيضا قوة التشخيص وهي عناصر تؤهله ليكون الأفضل، وهو بالمناسبة عمل من أربع حلقات فقط . وهناك مسلسل ”قضية العمر” الذي يجمع بين الدراما والكوميديا الخفيفة وهو عمل يحترم إلى حد كبير آليات الاشتغال الفني، بنيته السردية متماسكة، إخراج مقبول، تمثيل منضبط، أخطاء قليلة بالمقارنة مع باقي الأعمال، وأهم ما فيه باعتباره عملاً كوميدياً أنه بعيد كل البعد عن التهريج والإسفاف الذي نجده في أعمال تسمى كوميدية، أما سلسلة حسن الفذ الساخرة ”طوندونس” فقد تميز فيها كعادته وهي تسلط الضوء على بعض الظواهر الإعلامية التي يعج بها الانترنت المغربي في قالب فرجوي ساخر يحترم عقل المُشاهد من خلال المحاكاة أو الباروديا.
تابعي المزيد: الفنانة فاطمة خير عن الدراما المغربية: نجاح أي عمل هو نجاح الجميع
ومن هو أفضل ممثل وافضل ممثلة لرمضان 2020؟
حتماً لدينا نقص رهيب في مستوى الكتابة والإخراج أما بالنسبة للتشخيص فهو خارج هذا التقييم إذ هو الذي حافظ على ماء وجه بعض الأعمال المتدنية، فالممثلون لدينا موهوبون جداً ولدينا طاقات في هذا المجال قادرة على كسب الرهان لو توفرت لديها الظروف والإمكانات المناسبة، من خلال تتبعي لأعمال هذه السنة فقد أختار محمد خيي كأفضل ممثل لهذا الموسم بدون منازع يشتغل في ثلاثة أعمال بشخصيات مختلفة وقد تفوق فيها كلها بشكل ملفت، هناك أيضا عدنان موحجة في مسلسل ”قضية العمر” وقد ابان في هذا العمل على قدرته على تشخيص أدوار كوميدية قريبة من الجمهور أو ما يسمى بكوميديا المواقف تلك التي تتطلب مهارة في الإضحاك البعيد عن التهريج واستخدام لغة الجسد بطريقة مستفزة، وأرى أن هذا الدور نجح فيه بامتياز، هناك أيضاً الممثل ناصر أقباب المتواجد في مسلسلين ”قضية العمر” و”السر المدفون” لكنني أعجبت به أكثر في ”قضية العمر” لانه دور مختلف ومعقد وصعب ورغم ذلك نجح فيه.
أما بالنسبة للممثلات فأفضلهن سعدية لديب فرغم تواضع العمل الذي تشارك فيه من ناحية الكتابة والإخراج، وهو ”سلامات ابو البنات” إلا أنها تشكل عموداً من أهم أعمدته وهي نقطة ضوء فيه بجانب محمد خييي، تشخيص راق جداً بعيد عن المبالغة في التعبيرات الجسدية تعمقت بقوة في تركيبة شخصية الأم داخلياً وخارجياً بحرفية متقنة تنم عن حدسها الإبداعي وموهبتها في فن التمثيل التي لا نقاش فيها، وهناك أيضاً سناء بحاج التي تقمصت دور حفيدة الخادم في مسلسل ”مرجانة” كانت مقنعة جداً ومعبرة عن كنه الشخصية كما أن انسجامها مع باقي الشخصيات كان متقناً وسلساً.