صدر حديثًا عن دار كليوباترا للنشر والتوزيع، مجموعة قصصية بعنوان “من زاوية أخرى”، للدكتورة فتحية معروف، وجاء فى أجواء الكتاب : هل تعرفون جملة “كأنة مضروب على رأسه”؟ إنها تعنى فقدان الوعى والتركيز واهتزاز كل شيء، سواد حالك يغطى الوجود إثر ذلك الارتجاج الحادث بالمخ من هول الصدمة وثقلها.
هذا بالضبط ما حدث لى وأنا أقرا مذكرات أختى، لم أشعر بحزن دام، ولا صرخة اختنقت فى صدرى، ولا دموع تجمعت فى مقلتى أو شئ من هذا القبيل، شعرت بالذهول، فقط بالذهول، لقد أرادت أختى أن تتخلص مني.. لا تتعجبوا؛ فليست أول من أراد، ولن تكون آخر من يفعل.. لقد كتبتْ فى أسباب هذه الرغبة الكثير حتى إننى وافقتها ضمنيا واقتنعت بصحة ما اعتزمت القيام به، فأنا الصغرى المدللة، الجميلة، الموهوبة، الذكية التى حازت على حب الأب والأم وإعجاب الأقارب والمدرسين بل وحتى الجيران و.. إلخ. وهى الأقل فى الجمال والذكاء والموهبة، ضعيفة الاهتمام فاقدة الحب و.. إلخ. وبناءً على ما ذكرته- وهو كثير فى الواقع، فقد مر تمييز الأب والأم عبر عدسة أختى المكبرة، فأصبح فى حجم الكون لا يمكن أن يغفله عقل أو تتخطاه عين، لذا فقد استحققت الموت عن جدارة وسيأتينى إما بالتمنى والدعوات أو بالعمل على استدعائه.
أغلقت المذكرات ووضعتها بجانبى وأنصت بتركيز شديد لما يتحدث به إخوتى الثلاثة، أخى الأكبر يعارض بوهن، وأختى التى تليه لم ترفض الفكرة بل رفضتْ الاشتراك فى التنفيذ، أما التى تكبرنى مباشرة فهى صاحبة المذكرات والفكرة والتنفيذ، أختى هذه كانت تعانى من كوابيس مستمرة ومن أمراض عضوية أرجعها بعض الأطباء للناحية النفسية، كنت أعتقد أننى صديقتها، وكم حاولت أن أخفف بعض آلامها غير مفهومة المصدر، لكنها كانت تصدنى وتقترب من إحدى جاراتنا ذات السمعة السيئة.
المصدر: اليوم السابع