واحد من الكتب المهمة هو كتاب “فرويد وأتباعه” لـ بول روزون، الذى يقول عنه، ما الذى يميز فرويد حقا؟ ذلك هو السؤال المركزى الذى سعيت للرد عليه منذ أن شرعـت فى مقابلـة مرضـاه وتلاميـذه من مازالوا على قيد الحياة، وقطعا كنت أدرك تماما أن هؤلاء الذين شهدوا تلك الثورة التـى حـدثت فى تـاريخ الفكـر البشرى فى سنواتهم الأخيرة. فكل مهنة لها تقاليدها وقصصها وطرقّ التفكير الخاصة بالماضى يـتم تـداولها شـفاهية ولا يراد لها الوصول إلى الكتب المدرسية التى يقرأها الطلبة، وتشكل المشاركة فى هذه الأقوال والتعاليم جزءا من هوية كل محلل نفسى.
فرويد وأتباعه
قال الدكتور ضياء الكعبى عن الكتاب اشتغل الأكاديمى بول روزن المتخصص فى فرويد بالتحديد لمدة سنوات على كتابة سيرة غير مؤدلجة للطبيب والمحلل النمساوى سيغموند فرويد، وهى سيرة تتسم بالصرامة المنهجية من خلال أرشفة توثيقيّة تضمّنت مائة وعشر مقابلات شفهيّة وموثّقة لعائلة فرويد وأصدقائه والدائرة المحيطة به أجراها المؤلف، وصولاً إلى مقابلات مسجلة مع من تبقى من مرضى فرويد الذين بلغوا من العمر عتياً. لقد أراد روزن أن يضع المتلقى أينما كان أمام “المتن الفرويديّ” بعيداً عن الهوامش التى تضخَّمت حول فرويد وحياته وأفكاره الخلافيّة.
يقول بول روزن، لقد بدأتُ فى خريف 1964 عقد مقابلات شخصية ولقاءات مع أكبر عدد ممكن من مرضى فرويد وتلاميذه، الذين تعرفتُ إليهم من أجل الحصول على منظور جديد بالقياس إلى ما ظهر حتى الآن عما كُتِب حول فرويد، لم يكن هدفى من البداية التثبت من مدى حياد جونز، وإنّما على خلاف ذلك، لأنى لستُ متأكداً من قدرتى على فهم فرويد باعتبار بعدى عن تلك الأحداث التى تعود إلى ماضٍ بعيد، خشيتُ من عدم تقدير الفروق الدقيقة التى أحاطت بالكتابات المختلفة عن فرويد وعالمه”.
وبعيداً عن الهوامش والأساطير المؤسِّسة التى حِيكت حول شخصية فرويد، فإن بول روزن استطاع فى مؤلفه أن يكشف الأوجه المختلفة والمتناقضة ربَّما لشخصية واحدة: فرويد المغامر والجريء، والثورى فى علم النفس، ورجل العلم الحذر والمطوِّر أسلوبه، والفيلسوف الاجتماعي، والمعلم والمعالج المجتهد، والبورجوازى النبيل المثقل كاهله بكثرة أعباء حياته اليومية، والمحاور البارع، والعقلانى واللاعقلانى فى آن معًا.
المصدر: اليوم السابع