كتاب “النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة” يعد من المراجع التاريخية الخاصة بالمشرق العربى ومصر، التى تتناول تاريخ مصر منذ الفتح العربى على يد عمرو بن العاص، خاصة فى العصر الوسيط الذى عاش فيه المؤلف، ابن تغرى بردى (813 هـ – 874 هـ)، ويقع فى 16 جزء.
والكتاب يضم تاريخ مصر: من الفتح الإسلامى إلى الدولة الأشرفية؛ أى من سنة (20 – 872) هـ، وفيه تراجم من عاشوا في هذه الحقبة من الزمن، وهو مرتب على السنين لا على حروف المعجم، وقد ذكر فيه من ولِى مصر من الملوك والسلاطين والنواب مفصلاً، مع ذكر ملوك الطوائف مجملاً، آتيًا فى كل سنة على ما وقع فيها من الحوادث المهمة، مترجمًا لمن توفى فيها من رجالات الإسلام ترجمة موجزة، مع ذكر زيادة النيل ونقصانه، على أن المؤلف كثيرًا ما يستطرد لأخبار البلاد المجاورة، قال عنه المستشرق الفرنسى “سوفاجه”: “وهو تاريخ واسع مفصل، وله شأن؛ لأن فيه دقة، ويُوثق بأخباره، وهو معجم أعلام لا يمكن الاستغناء عنه لدراسة هذا العصر”.
يرصد الجزء الخامس وقائع ولاية المستنصر بالله على مصر فى ظل الحكم الفاطمى، الذى ولى الخلافة بعد وفاة والده الظاهر، وقد ولى الخلافة وعمره سبع سنوات وسبعة وعشرون يوماً، فيما بقى فى الخلافة ستين سنة وأربعة أشهر.
يرصد ابن تغرى بردى أن فى عهده حدث بمصر الغلاء، الذى ما عهد بمثله منذ زمان يوسف عليه السلام، ودام سبع سنين حتى أكل الناس بعضهم بعضاً، حتى قيل: “إنه بيع رغيف واحد بخمسين ديناراً، وحتى أن المستنصر هذا بقى يركب وحده وخواصه ليست لهم دواباً يركبونها، وإذا مشوا سقطوا من الجوع، وآل الأمر إلى أن استعار المستنصر بغلة يركبها من صاحب ديوان الإنشاء”، ونزحت أم المستنصر وبناته إلى بغداد خوفاً من أن يمتن جوعاً، ويكتب ابن تغرى بردى: “ولا أعلم أحداً فى الإسلام، لا خليفة ولا سلطاناً، طالت مدته مثل المستنصر”.
والمؤلف هو أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن الأمير سيف الدين تغرى بردى الأتابكى اليشبقاوى الظاهري. (ولد بالقاهرة سنة 813 هـ / 1410م – توفى بالقاهرة سنة 874 هـ / 1470م)، مؤرخ مصرى كان أبوه من كبار أمراء المماليك فى عهد السلطان الظاهر سيف الدين برقوق وابنه الناصر فرج بن برقوق، تتلمذ علمياً ودينياً على أيدى كبار مشايخ عصره أمثال زوج أخته قاضى القضاة جلال الدين البلقيني، وابن حجر العسقلاني، وبدر الدين العينى، وابن ظهيرة وابن عربشاه. ثم لازم مجلس شيخ المؤرخين تقى الدين المقريزى فتعلم منه حب التاريخ والتأريخ، وبذلك انتمى ابن تغرى إلى طبقة الأمراء وأرباب الدولة وتتلمذ على أيدى العلماء واهل العمائم.
المصدر: اليوم السابع