مقالات
( نسيبة العزيبي )مخطئ من يعتقد أن الكتابة للطفل سهلة وبسيطة
- صُّور القاصر تجاه أدب الطفل ليس حكراً على عالمنا العربي ولكنه أكثر استفحالاً وانتشاراً في مجتمعاتنا
- الإنتاج الأدبي في مجال قصص الأطفال واليافعين بالإمارات تخطى دولاً عربية كانت سباقة مثل لبنان ومصر
- آباء وأمهات يتعاملون مع القصة المكتوبة بتشكيك واستهجان
- الكتاب العربي أخفق في منافسة نظيره المكتوب بالإنجليزية في رحابة الخيال والقدرة على تناول الأفكا
يحتل أدب الطفل مكانة مهمة ومرموقة في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب التشجيع الكبير من قبل شخصيات قيادية وبارزة بالدولة، والاهتمام بإقامة المعارض السنوية الخاصة بقصص الأطفال، كمهرجان الشارقة للطفل العربي ومهرجان العين تقرأ، حتى تفوق الإنتاج الأدبي للأطفال في الإمارات على دول عربية اخرى كانت سباقة يوما ما في هذا المجال، ما أدى إلى تخصيص جوائز سنوية لكتاب قصص الأطفال ورساميها ودور النشر المعنية بنشرها أيضا مثل جائزة الشيخ زايد وجائزة الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال.
وفي هذا الإطار جاء هذا اللقاء مع الكاتبة الإماراتية المبدعة نسيبة العزيبي لتسلط الضوء على هذا الجانب الثقافي المشرق لدى الشقيقة الإمارات، فإلى التفاصيل:
اطلعينا على بداياتك مع الكتابة؟
٭ أعتقد أني بدأت «كقارئة» أولا قبل أن أفكر في كتابة أي شيء.
القراءة ومنذ وقت مبكر لها الفضل دائما في الانتقال الانسيابي لأي كاتب من شخص يقرأ إلى شخص قادر على التعبير بواسطة الكلمات عن كل ما يحس به ويتخيله.
وربما ساهمت البيئة التي نشأت فيها في احتلال الكتاب مساحة كبيرة من حياتي.
فالكتب على اختلاف أنواعها كانت دائما متوافرة في المنزل وكنت دائما ما أرى والدي وأفراد آخرين من عائلتي يقرأون الكتب والمجلات.
فالقراءة كانت سلوكا فطريا في العائلة. كما أنني ولدت في زمن لم تكن فيه الكثير من الخيارات الأخرى التي قد تبعدني عن الكتاب كوسيلة للتسلية بعد التلفزيون واللعب مع الأقران كما هو حاصل في زمننا هذا، فلم تكن هناك عشرات القنوات الفضائية المخصصة للأطفال أو زخم في الإنتاج الدرامي والإعلامي الجاذب لفئات المجتمع المختلفة.
كما لم تكن هناك شبكة انترنت أو تواصل اجتماعي أو أجهزة ذكية من أي نوع، كل هذه الظروف وغيرها جعلت من الكتاب وسيلة متاحة وسهلة الاستخدام ومن القراءة فعلا مسليا ونقطة انطلاق للكتابة فيما بعد.
متى اكتشفت قدراتك؟ وكيف سعيت الى تنميتها؟
٭ الكتابة كوسيلة لترجمة الأفكار والمشاعر فقد اكتشفتها كغيري من أبناء جيلي في حصص التعبير الانشائي في المدرسة.
على الرغم من أن المواضيع في تلك الحصص كانت مكررة.
وحينما تجاوزت الثانية عشرة كانت هناك محاولات في كتابة اليوميات والخواطر ككثير من الفتيات في مثل عمري آنذاك.
وحين تخرجت في الجامعة تزامن ذلك مع ظهور منتديات الانترنت فشاركت في عدد منها ولكن تحت أسماء مستعارة إلا أن ذلك لم يدم طويلا، فسرعان ما استسلمت لمتطلبات العمل والرغبة في تطوير مهاراتي المهنية والتخصص فسافرت إلى بريطانيا لدراسة الماجستير ومن ثم الدكتوراه في مجال الصيدلة.
ومتى كتبت اول قصة للأطفال؟
٭ الكتابة للنشر شيء لم أدركه إلا بعد حصولي على درجة الدكتوراه وعودتي إلى الإمارات من بريطانيا عام 2012، حين دعتني صديقتي د.لطيفة الفلاسي – وكانت آن ذاك أستاذ اللغة العربية في جامعة الإمارات – إلى حضور آخر يوم في ورشة الكتابة للأطفال والتي كانت تقدمها في أبوظبي لمجموعة من طالبات الجامعة المهتمات والشغوفات بالكتابة للصغار.
فلبيت الدعوة وذهبت وجلست واستمعت ثم عن دون قصد مني تفاعلت مع باقي الحضور وشاركت في التمارين وتحمست كثيرا.
ولم يمض الكثير من الوقت قبل أن أكتب قصتي الأولى «تكشيرة» والتي نشرت عام 2013.
وما اهم أعمالك القصصية؟
٭ لي حاليا ست قصص مصورة للأطفال منشورة مع دار العالم العربي للنشر والتوزيع تشمل:
1- تكشيرة وكانت في القائمة القصيرة لجائزة اتصالات عام 2013
2- المخلوقات الفضائية تحب الملوخية
3- عجيب واختراعه المدهش
4- عندما فقد الملك أحلامه
5- مصباح وبندق وتل الدببة الأخضر السعيد
6- أمي غوريلا وأبي فيل
كيف تصفين أدب الطفل في الإمارات؟
٭ لا شك ان أدب الطفل يحتل مكانة مهمة ومرموقة جدا في دولة الإمارات، نتيجة التشجيع الكبير الذي توليه إليه بعض الشخصيات القيادية والبارزة في الدولة، وإقامة المعارض السنوية الخاصة بقصص الأطفال كمهرجان الشارقة القرائي للطفل العربي ومهرجان العين تقرأ، بالإضافة إلى تخصيص الجوائز السنوية لكتابها ورساميها ودور النشر المعنية بنشرها أيضا كجائزة اتصالات وجائزة الشيخ زايد وجائزة الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال.
فكل هذا ساهم في دفع عجلة الإنتاج الأدبي في مجال قصص الأطفال واليافعين إلى مكانة ومرحلة تخطت فيها دول عربية أخرى مثل لبنان ومصر اللتين كانتا سباقتين في هذا المجال.
واليوم يوجد الكثير من دور النشر الإماراتية المتخصصة بأدب الطفل كدار العالم العربي ودار الهدد ودار كلمات ودار سما وغيرها من دور نشر إماراتية ظهرت في السنتين الماضيتين فقط.
برأيكم هل هناك تحديات تواجه أدب الطفل العربي؟
٭ هناك اعتقاد بأن أدب الطفل هو وسيلة مساعدة لأولياء الأمور في عملية تربية الطفل وتعليمه، وهذا يتضح من نوعية الكتب التي عادة ما يبحث عنها الآباء والأمهات في معارض الكتب أو المكتبات ويحرصون على شرائها.
بل وقد ترى بعضهم يتجنب الكتب التي لا تقدم رسائل مباشرة في الأخلاق ولا تقوم السلوك ولا تعلم القراءة أو تزيد من حصيلة أبنائه المعلوماتية.
وهذا التصور القاصر تجاه أدب الطفل ليس حكرا على عالمنا العربي ولكنه أكثر استفحالا وانتشارا في مجتمعاتنا للأسف.
فالغريب أننا لا نلمس من أولياء الأمور نفس الحرص تجاه المواد المرئية كالأفلام ومسلسلات الكرتون.
فالأهل يتركون أبناءهم بالساعات أمام اليوتيوب وقنوات الأطفال الفضائية دون مراقبة، وعلى استعداد لاصطحابهم إلى السينما لمشاهدة أحدث أفلام الكارتون بغض النظر عن المحتوى أو الرسائل المبطنة والتي قد تتنافى مع قيمنا كمجتمعات محافظة، ولكنهم في المقابل يتعاملون مع القصة المكتوبة بحبكة مبتكرة وطريقة فنية عالية بشيء من التشكيك والاستهجان.
وتلك الوصاية ذات النظرة القاصرة على ما يمكن للطفل أن يقرأ بين دفتي كتاب تزيد من عزوف الأطفال عن قراءة القصص بشكل عام، فالضحالة والرتابة والتضييق في المواضيع المكتوبة التي تقدم لهم في أدبنا العربي يقابلها رحابة وتنوع وتجديد واحترام لاحتياجاتهم النفسية والعقلية في المواد المرئية.
كما ان عزوف الأطفال عن قراءة القصص ليس فعلا مطلقا يشمل كل ما هو مكتوب، فهناك تحيز واضح للقراءة باللغة الإنجليزية وتفضيل لها حتى وإن كان لنفس العمل الأدبي.
وما يغذي هذا السلوك، بالإضافة إلى نظرة الأهل والمجتمع لهذا الأمر، هو إخفاق الكتاب العربي في منافسة نظيره المكتوب باللغة الإنجليزية في رحابة الخيال والقدرة على تناول الأفكار وتقديمها بطريقة فنية جديدة ومبتكرة.
كيف تقيمين كتاب قصص الأطفال في عالمنا العربي؟
٭ هناك تقصير واستهانة من قبل بعض الكتاب والرسامين ودور النشر في التعامل مع كتاب الطفل كعمل أدبي وفني متكامل له شروطه واحتياجاته.
هناك اعتقاد من قبل هؤلاء بأن أدب الطفل أدب «سهل» و«بسيط» وهو لذلك لا يتطلب الكثير من الجهد لأنه يخاطب، حسب اعتقادهم، فئة عمرية ذات قدرات واحتياجات محدودة.
لذلك نرى بعض قصص الأطفال ذات نص ضحل ومباشر ورسومات غير متقنة وألوان باهتة وأوراق ذات جودة متواضعة.
فهذا التعامل مع أدب الطفل من قبل بعض الكتاب والرسامين ودور النشر يفقد القارئ ثقته بالكتب العربية الموجهة للطفل ويزيد من عزوف المجتمع عنها.
كما ان الكتب التعليمية التي تحمل رسالة أو قيمة أخلاقية مهمة ومطلوبة، ولكنها يجب ألا تكون كل ما يدور حوله العمل الأدبي الموجه للطفل.
فالأمانة تقتضي على الكاتب والرسام ودور النشر كذلك أن يثقفوا أنفسهم ويطوروا من أساليبهم ويطلعوا على كل جديد في عالم أدب الطفل ثم يحاكوا ذلك أو يجددوه بما يتناسب مع احتياجات الطفل العربي مع مراعاة المنافسة الشديدة من وسائل الترفيه الأخرى كالتلفزيون والسينما والإنترنت.
أعمال مستقبلية
تتجه نسيبة العزيبي الى انجاز قصة أطفال جديدة وهي حاليا في مرحلة الرسم والإخراج الفني ومن المخطط نشرها بالتزامن مع معرض الشارقة الدولي للكتاب المقرر إقامته في نوفمبر 2017، بالإضافة إلى رواية لليافعين تأمل أن تتمكن من نشرهما مطلع العام المقبل.
مؤهلات علمية
حصلت الكاتبة على العديد من المؤهلات التعليمية، منها بكالوريوس الصيدلة من الجامعة الأردنية (عمان)، ماجستير الصيدلة الإكلينيكية من جامعة ستراثكلايد (غلاسكو ـ بريطانيا)، دكتوراه في الصيدلة من جامعة نوتنغهام (بريطانيا)