مقالات

من خلق الله؟

نقدم لكم شرح وافي لمن يسأل عن (من خلق الله؟), (هل الله موجود؟) وأسئلة أخرى في نفس السياق.

فمجرد طرحنا لهذا السؤال, لا يخرجنا من ملة الإسلام, وقد أكاد أجزم أن كل من سكن الكرة الأرضية قديما أو حديثا قد بادر هذا السؤال ذهنه, ولو مرة واحدة في حياته, وإن لم يكن قد طرحه على نفسه في الكبر لشدة إيمانه بالله وتشبته بالدين الحنيف, فلا يستبعد أن يكون قد طرحه على نفسه في الصغر حيث العقل اللاّواعي يطغى في تلك الفترة.

من خلق الله؟ من هو الله؟ …

في صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله خالق كل شيء, فمن خلق الله}.
وأيضا قول الله تعالى في كتابه العزيز {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّه عَزِيزٌحَكِيمٌ} البقرة260 فسؤال نبينا إبراهيم جاء بهدف واضح وصريح, والذي يتمثل في المعاينة من أجل أن يزداد يقينا, لأن المعاينة والمشاهدة أشد وأقوى تأثيرا من الخبر والسماع, وهناك العديد من الأحاديث تتحدث عن نفس الموضوع لا يتسنّى لنا الوقت لذكرها كاملة.

بعد أن أصبحنا على يقين أن تلك الإستفسارات والأسئلة المتعلقة بوحدانية الله ووجوده ستظل تطارد الكثير منّا لا محالة, خصوصا ضعاف النفوس ومن لم يَصلوا لدرجة الإحسان والإيمان الحق, لذلك وجب علينا تسليط الضوء على هذا الموضوع, وآرتئينا أن نناقشه من ثلاث أبعاد مختلفة : البعد الديني والبعد المنطقي والبعد العلمي وكلها تصب في منحى واحد وتأكد على وحدانية الله. كما سنعزز هذا المنشور بمقطع فيديو سيكون حسرة لكن من كان يظن أن عصر المعجزات قد ولى وآنقضى.

البعد الديني للسؤال المشهور من خلق الله؟

ديننا الحنيف كان صريحا فصيحا بهذا الخصوص, ودعا إلى عدم الدخول في متاهات من الصعب الخروج منها بنتيجة واضحة, لأن عقولنا محدودة التفكير, فلا ينبغي علينا كمسلمين أن نجادل وندخل في مناضرات, لأن المناضرات لها أصحابها ممّن تتوفر فيهم الشروط لذلك, ففي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يَأْتي الشَّيْطانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذا مَنْ خَلَقَ كَذا حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ} والأحاديث النبوية عديدة ومتعددة بهذا الخصوص.

البعد المنطقي للسؤال المشهور من خلق الله؟

إذا كان أغلب الناس قد سبق لهم أن سألوا أنفسهم هذا السؤال, فإن الملحدين لعنة الله عليهم يحاولون أن يحاجّوا به أولياء الله الصالحين, وبهذا السؤال يحاولون أن يبرّروا موقفهم كملحدين.
من هذا الموقع أقول وأؤكد أنه من أغبى الأسئلة على الإطلاق وأكثرها هشاشة, يسأل الملحدون (من خلق الله؟) (هل الله موجود؟) بحجة أن كل مخلوق يحتاج لخالق, فهم بذلك يقومون بالخلط بين صفات المخلوق وصفات الخالق, فليس بالضرورة أن تكون صفات باب حديدي كصفات صانعة, فالباب جامد, لا يتحرك, لا يسمع, لا يتكلم, أما صانعه (الحداد) فهو يسمع ويبصر ويحس ويتكلم وينام ويتزوج, فهما بذلك شيئان متباعدان, ولا يخضعان لنفس المنطق (فلو قلنا أن صفات الباب هي صفات الحداد, لصارالباب حدّادا والحدّاد بابًا).

من جهة أخرى, يمكن آعتبار السؤال خاطئا من الأساس, لأنه نبع من خطأ !! كيف ذلك؟
بصفة عامة, فأي إنسان كيفما كان, لديه مدركات في عقله, واللتي تكونت بطبيعة الحال من خبرة وتجربة وممارسة في الحياة, فتكونت له صورة شمولية حول الدنيا وما فيها, فإذا جاءة معنى جديد أو فكرة جديدة قاسها على الأفكار الموجودة في ذهنه, فإذا لم تتوافق مع ما هو موجود في ذهنه يكذبها ويرفضها.
فمثلا: إذا عدت إلى القرن الثاني أو الثالث هجري وقلتَ له أن بإمكانك أن تتكلم بواسطة جهاز صغير مع شخص آخر في أبعد منطقة ممكن أن يتخيلها في الكرة الأرضية فيسمعك ويراك, طبعا لن يصدقك أبدا, ويمكن أن يصفك بالجنون, والسبب بطبيعة الحال أن هذا الأمر غير موجود في ذهنه, أما في عصرنا هذا (القرن 21) فقد أصبح الهاتف أمرا طبيعيا جدا, وقس على ذلك الكثير من الأمثلة.
ولهذا, فعندما تقول للملحد أن الله واحد لا شيء قبله, فهو لا يصدق ذلك, فيقع هنا الإرتباك, لأنه ليس في ذهنه شيء لا شيء قبله,,, فنقول له القاعدة المشهورة (عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود), فالأصل أنه لم يستطع تصور ذلك فنفى التعقل.

البعد العلمي للسؤال المشهور من خلق الله؟

أما من الناحية العلمية فحدث ولا حرج, فهناك العديد من الأبحاث العلمية سواء الأمريكية أو غيرها, توصلت إلى حقائق أخبرنا عنها ديننا منذ حوالي 1400 سنة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر, من الحقائق العلمية التي آكتشفها العلماء حديثا ما يندرج في سياق الآية القرآنية التالية (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَايَبْغِيَانِ) الرحمان 19.21,,,(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ*النَّجْمُ الثَّاقِبُ) الطارق 1.3,,, وقوله تعالى ( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ), فالعلم حديثا أتبت أن الناصية (أي مقدمة الدماغ) هي المسؤولة عن الكذب, ويزداد نشاطها بشكل كبير عند الخطأ, والأمثلة كثيرة بهذا الصدد.
ولا أظن أن هاته الحقائق تخفى على أحد منكم.

اترك تعليقاً

إغلاق