آداب

حاكم الشارقة: “رحلة بالغة الأهمية” يكشف حقائق تاريخية كانت مختفية 100 عام

أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن صفحات التاريخ لا تكتب بالأهواء ولا بالقوة بل بالبحث والتقصى والعدالة والحقيقة، وأن ما يسعى إليه من خلال العديد من مؤلفاته التاريخية هو توثيق تاريخ دولة الإمارات ومنطقة الخليج وعلاقتها بالعالم.

وأوضح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، أن كتابة تاريخ دولة الإمارات والخليج العربى برؤية عربية خليجية بالاستناد إلى الأدلة والمخطوطات التاريخية وبشهادات المؤرخين الأجانب أنفسهم الذين عاصروا تلك المراحل، يؤسس لحاضر ومستقبل مبنى على فهم صحيح لحضارتنا وشعوبنا ويساعد فى بناء علاقات تقوم على الحقائق والاستيعاب الأعمق لجذور علاقاتنا وصراعاتنا التاريخية مع الاحتلال فى تلك الفترة.

جاء ذلك خلال جلسة مناقشة لكتاب حاكم الشارقة “رحلة بالغة الأهمية” فى أكاديمية العلوم فى لشبونة التى منحت سموه عضويتها فى عام 2013، وشارك فى الجلسة البروفيسور ارتور انسيلمو، رئيس أكاديمية العلوم في لشبونة، والبروفيسور ادريانو موريرا، الرئيس السابق للأكاديمية، والبروفيسور أنطونيو دياس فارينها، عميد كلية التاريخ والجغرافيا فى أكاديمية العلوم في لشبونة، وعدد من أعضاء الأكاديمية، والأساتذة والأدباء والمؤرخين.

كما حضر الجلسة  موسى عبد الواحد الخاجه، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى البرتغال، وعادل بن عبد الرحمن بخش، سفير المملكة العربية السعودية، و عثمان أبا حنينى، سفير المملكة المغربية فى البرتغال، وعلى البياتى، القائم بالأعمال العراقى لدى البرتغال، وعبد السلام محمد خميس، القائم بالأعمال الليبى لدى البرتغال، وعدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب.

واستعرض المشاركون الأهمية الكبيرة والتاريخية لشعوب منطقة الخليج والبرتغاليين فى كتاب “رحلة بالغة الأهمية”، وقال حاكم الشارقة: “إن الكتاب بنى على مخطوطة تاريخية هامة للكاتب والضابط البرتغالى دوراتى باربوزا، تحوى معلومات وتفاصيل دقيقة عن شعوب المنطقة، كانت قد مفقودة لمدة تقارب الـ 100 عام قبل أن تُكتشف واقتنيها عام 2012، وأضعها فى كتاب “رحلة بالغة الأهمية” باللغات العربية والإنجليزية والبرتغالية“.

وتتحدث المخطوطة عن مشاهدات دوراتى باربوزا خلال رحلة رافق فيها قادة الاحتلال البرتغالى فى القرن السادس عشر من خليج “سان سباستيان” إلى سواحل الصين مروراً بمنطقة الخليج العربى.

و أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، أن إعادة كتابة التاريخ برؤية وشواهد أهله وأصحابه، هو إنصاف للحقيقة وتأسيس لعلاقات ثابتة وراسخة قوامها التكافؤ، وأوضح  أن سر كتاب “رحلة بالغة الأهمية” يكمن فى الرسائل التى كان يسعى دوراتى باربوزا إلى إيصالها بين السطور والتي انحاز فيها للحقيقة والأمانة وجعل من نصه دلالات على ما حدث فى تلك المرحلة، حيث وصف فى مخطوطته منطقة الخليج العربى والمكانة الحضارية والاجتماعية التى تحلى بها العرب والمسلمون آنذاك، والتعايش وعلاقاتهم الطيبة مع الديانات والأقليات الأخرى والزائرين للمنطقة من تجار ورحالة وبحارين، وتوقف عند مدى التقدم الذى أحرزوه فى كثير من القطاعات، كما ذكر “باربوزا” فى مخطوطته المعاملة الحسنة التى تلقاها من أهل الخليج العربى، وكشف العديد من انتهاكات البرتغاليين والأوروبيين من تدمير وخراب وقتل فى المناطق التى مروا بها، ما يجعل من كتاب “رحلة بالغة الأهمية” بمثابة إنصاف تاريخى لأهل المنطقة واستعادةً لحقهم في التعريف بمكانتهم آنذاك.

 ونوه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، على أنه لولا المسؤولية الأخلاقية العالية التى تجلت فى نص مخطوطة باربوزا لما فهمنا تفاصيل كثيرة وهامة  من تلك المرحلة، ولكانت قد التبست علينا الكثير من الحقائق كما التبست على الكثير من قبلنا، واعتبر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى أن نصوص باربوزا أنصفت حاضر البرتغاليين تماماً كما أنصفت ماضى العرب إبان الاحتلال البرتغالى لمنطقة الخليج العربى.

ووقع الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عقب الجلسة مجموعة من نسخ كتاب “رحلة بالغة الأهمية” للحضور من أعضاء أكاديمية العلوم فى لشبونة، والدبلوماسيين والأساتذة والمسؤولين.

وكانت النسخة العربية من “رحلة بالغة الأهمية” قد صدرت عن دار “منشورات القاسمى” فى العام الماضى 2017 حيث اعتبر المؤرخون والمهتمون بقضايا التاريخ كتاب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى بمثابة إعادة استكشاف وقراءة لجذور علاقة أوروبا بمنطقة الخليج العربى فى القرن السادس عشر، والتى أسست لعقود من الهيمنة وكونت الصورة النمطيّة عن المنطقة لدى الشعوب الأوروبية.

وعرض الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى فى الكتاب مخطوطة تاريخية هامة ظهرت لأول مرة  عام 1813م، حين نشر فرنسسكو مندو تريغوسو باللغة البرتغالية مؤلفاً يعود إلى مطلع القرن السادس عشر كتبه دوراتي باربوزا وعرف باسم “كتاب دوراتى باربوزا“.

وفي تقديمه للنسخة الأولى من كتاب “رحلة بالغة الأهمية”، أشار انطونيو دياس فارينها عميد كلية التاريخ والجغرافيا بأكاديمية العلوم في لشبونة، إلى أن باربوزا ذكر بالتفاصيل جغرافيا منطقة الخليج العربي موضحاً بعض الأسماء التي لا زالت تحتفظ بها حتى الآن، مثل جلفار، والشارقة، والبحرين، ومسقط، والقطيف.

وأشاد أنطونيو بأهمية “كتاب باربوزا” وقال عنه أنه المصدر الرئيس لمعرفة منطقة الخليج العربي وتاريخ شعوبها وحضارتهم، كما أشاد بجهود صاحب السمو في سعيه للبحث عن حقائق التاريخ والكشف عن المخطوطات التي توثقها في أي مكان من العالم وقال : “لقد قرر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أن ينشر هذا السفر القيِم، بعد اكتشاف المخطوطة الكاملة الباقية له، والتي ظُن أنها فقدت نهائياً، وهذه الطبعة لها أهميتها البالغة بالنسبة لتاريخ الخليج العربي وشعوبه وثرواته، لقد كُتبت في بداية العصر الحديث، بالكاد بعد خمسة عشر عاما من رحلة فاسكو دا جاما من لشبونة إلى كاليكوت في الهند، والتي ولدَت عوالم جديدة لعالمنا”.

اترك تعليقاً

إغلاق