تاريخسلايد 1

“يقظة المومياء”… كيف تناول نجيب محفوظ الماضى العريق وحضارة الفراعنة؟

شكل تاريخ مصر القديم عند الأديب والروائى نجيب محفوظ أهمية خاصة فى تشكيل وعى وملامح مشواره الأدبي، لاسيما فى محطته الأولى فى بداية الثلاثينيات، تلك الفترة التى مثلت بعث وإحياء الهوية المصرية على يد الأب الروحى لها سلامة موسى الضاربة فى جذور الحضارة المصرية القديمة، وأنتجت رافدا من روافد محفوظ الروائية مثل: رواية “عبث الأقدار” 1939، و”رادوبيس” 1943، و”كفاح طيبة” 1944، و”العائش فى الحقيقة” 1985.
“همس الجنون”، هى أول مجموعة قصصية من تأليف نجيب محفوظ. وتحتوى على 28 قصة قصيرة منها: “همس الجنون – خيانة فى رسائل – يقظة المومياء – روض الفرج – بذلة الأسير – الشر المعبود – حياة مهرج – صوت من العالم الآخر”، وصدرت المجموعة القصصية للمرة الأولى عام 1948، وكانت قد نشرت متفرقة فترة الثلاثينات فى جرائد ومجلات مختلفة، وعن تاريخ صدور المجموعة يقول نجيب محفوظ: “قد لا يدرى القارئ أن همس الجنون نشرت لأول مرة بعد ظهور زقاق المدق وليس فى عام 1938 كما هو مكتوب فى قائمة مؤلفاتي”.
همس الجنون
وبحسب الدكتور حسين عبد البصير، فإن نجيب محفوظ فى مجموعته القصصية الأولى “همس الجنون” عام 1938 (تأثرًا -أغلب الظن- باسم الديوان الشعرى لميخائيل نعيمة “همس الجفون”، وكان من بين قصص هذه المجموعة، قصتان إحداهما تتماس مع مصر الفرعونية، والأخرى تدور أحداثها فى مصر القديمة. القصة الأولى تسمى “يقظة المومياء”، والأخرى تدعى “صوت من العالم الآخر”، وتأثرًا بما فعله السير الإنجليزى والتر سكوت عندما كتب تاريخ إنجلترا فى شكل روائى، خطط نجيب محفوظ لكتابة أربعين رواية عن تاريخ مصر، غير أنه لم يكتب منها إلا ثلاث روايات هى “عبث الأقدار” (عام 1939)، “رادوبيس” (عام 1943) و”كفاح طيبة” (عام 1944).
ويقدم نجيب محفوظ فى مجموعته القصصية ”همس الجنون” هموم عصره، مع أن هناك اهتماما بالتجريد نلمسه من خلال بعض القصص من مثل ”الشر المعبود” و”صوت من العالم الآخر”، إلا أنه سرعان ما ينفذ إلى القضايا السياسية والاجتماعية كما فى ”يقظة مومياء” التى يعرض فيها الطبقة المسيطرة والمحتقرة للشعب.
ويقدم فى قصة ”يقظة” حادثة غريبة أفضت إلى وفاة محمود باشا الأرنؤوطى المتأثر بالغرب، بدليل أنه لا يفكر إلا فى إهداء تحف قصره لفرنسا اعتقادا منه أن شعب مصر ليس أهلا لها، والأرنؤوطى يحتقر الشعب المصرى ويصفه بـ ”الشعب الحيواني” لتتضح ملامح القصة، حيث يبرز الكاتب انفصال الفئات الميسورة عن عامة الناس، إلا أن التاريخ هو من يقف بالمرصاد ويحاكم الباشا حينما تحدث المفاجأة وتنتصب المومياء رمز الماضى التليد ويطلب حور من الباشا أن يركع.
ويتحدث صاحب جائزة نوبل فى الآداب لعام 1988، فى قصته “يقظة المومياء” عن الإنحياز إلى الفقراء من أمثال الفلاح المصرى (السارق) الذى تقمصته شخصية مومياء القائد حور ضد ظالمه الباشا (صاحب القصر التركى الأصل) الذى تخاطبه المومياء ص 91 ” – ما الذى دهاك؟ ما الذى دهى الأرض فجعل أعزتها أذلة وأذلتها أعزة، وخفض السادة عبيدا ورفع العبيد سادة؟ كيف تملك أيها العبد هذا القصر ويعمل أبنائى فيه خدما؟ أين التقاليد المتوارثة؟ والقوانين المقدسة؟ ما هذا العبث ؟”.
المصدر: اليوم السابع

اترك تعليقاً

إغلاق